الاثنين، 17 يونيو 2013

الوهابية والشيعة والأشاعرة والاباضية.... كلهم سلفيون..

الوهابية والشيعة والأشاعرة والاباضية.... كلهم سلفيون..
مادفعني إلى كتابة هذا المقال وكذلك المقال الذي قبله والمعنون : لماذا التخصص في الفقه المقارن وليس أصول الفقه والعقيدة؟ هو التأكيد على ما يجمع صف الأمة والحث على الابتعاد عن النبش  فيما يخالفها .
سأبدأ أولا بتعريف السلفية لغة واصطلاحا وباختصار حتى أؤكد على ما عنونت به المقال وهو أن كل تلك الطوئف تعتبر بالمعنى اللغوي والاصطلاحي للكلمة سلفية.
فالسلفية في اللغة هي من السلف .والسلف هو كل من تقدم من الآباء والأقرباء .
وذكر الزمخشري في أساس البلاغة : أن سلف القوم: تقدموا سلوفاً، وهم سلف لمن وراءهم، وهم سلاف العسكر. وكان ذلك في الأمم السالفة والقرون السوالف. وضم إلى سالف نعمته آنفها. وامرأة حسنة السالفة والسالفتين وهما جانبا العنق. قال ذو الرمة:ومية أحسن الثقلين جيداً ... وسالفةً وأحسنه قذالا
وذكر محمد بن عبد الله بن مالك في كتابه : إكمال الأعلام بتثليث الكلام ، بأن السلف :الجراب الضخم ، ومصدر سلف القوم : تقدمهم  .
أما السلفية اصطلاحا :فهي الالتزام بماجاء في الكتاب والسنة وما ثبت عن الصحابة والتابعين في القرون الأولى المزكاة ، والصحابة المقصودون هم الذين وصفهم ابن مسعود - رضي الله عنه - بقوله : من كان مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحيّ لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أَبَرَّ الناس قلوبًا، وأغزرهم علماً، وأقلّهم تكلّفًا.( جامع بيان العلم وفضله  لأبي عمر يوسف بن عبد الله القرطبي ، ص 419 )،
وبالتالي فإن السلفية بهذا المعنى يجب ان لا تستأثر بها طائفة عن الاخرى  ، مادامت كل طائفة تقول بأن ما لديها اخذته من أفواه الصحابة والتابعين ،  فكل اشياخ هؤلاء الطوائف وإن امتلكوا عقلا راجحا وفهما نقيا صادقا ، فقد يخالفهم من يملك نفس الصفات فيما اخذوا به ، دون أن يمرق من دائرة الاصطلاح السلفي
وعليه  فيجب أن تحمل كل طائفة اسمها الذي يناسبها ، فمثلا من اقتدوا بما اخذ به محمد عبد الوهاب من السف يسموا وهابيين ومن اخذوا من الربيع بن حبيب يسموا أباظيين ومن أخذوا من أبوا الحسن الاشعري يسموا أشعريين ، ومن يرون بأن حب آل البيت هو الميزان لأعمال المسلمين يسمون شيعة. مادام الجميع يستطل تحت راية الشهادة أن لاإله إلاالله وأن محمدا رسول الله فمن شهد بهذه الجملة ونطق بها ، وآمن وطبق ما جاء بأركان الإسلام الخمسة كان سلفيا وبالتالي فتتم مناقشته لإقناعه بالعدول عن رأيه الصائب والأخذ بالرأي الأصوب الذي يدعي من يناقشه أنه هو مايدعوه إليه ، لامن باب التخطيء ، ناهيك عن التكفير والتبديع ، فخلاف الأمة في الفروع رحمة ، وكل ماعدى هذا فهو يعد فرعا قابلا للتأويل والاختلاف ولهذا وجد ما عرف بالاجتهاد .
فالغرور أو الترف الديني الذي قاد المسلمين إلى الاختلاف الإيجابي خاصة في القرنين الخامس والسادس الهجري والذي تطور لاحقا إلى اختلاف سلبي عندما بدأ يعرف استخدام مصطلحات مقيتة كالتكفير والتخطيء والتقول الزائف بين المذاهب كان بالإمكان تداركه عند بداية ظهوره  خاصة لما عرف عن تلك العصور من قامات علمية ، لولا أن تلك القامات وللأسف الشديد بسبب ترفها الديني بعد أن سبقها الأولون في تدوين الفقه وأصوله ، أصبحت تبحث عن ما تؤلف فيه فوجدت ذلك الاختلاف مجالا خصبا لتناوله فكانت كل فئة تدعي لنفسها الأفضلية والأسبقية وتحاول التنقيص من الطوائف الأخرى حتى حدا بكل طائفة أن تعتبر نفسها هي الفرقة الناجية التي ذكرها سيد الوجود عليه أفضل الصلاة والسلام في الحديث الشريف (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة)
وللتدليل على سلبية الخلاف وخطورته على وحدة الأمة لعل ذلك يكون عبرة لنا فيما قد يؤدي إليه الخلاف القائم على التعصب لا على الحجة والبرهان فقط. دون الوقوف عند أي الفريقين أرجح وأصوب في موقفه . فإنني لن اتناول خلافا بين طائفتين مسلمتين كلاهما تكفر الاخرى منذ النشأة ، وإنما سأتناول وبشكل مختصر جدا  أنموذجا لخلاف بين طائفتين تعتبر كل واحدة منهما الأخرى سنية ، حيث يعد هذا الخلاف من أهم الخلافات السنية التي لازالت مجتمعاتنا المعاصرة حتى الآن تعاني منها ، وقد اخترت هاتين الطائفتين لأنهما الأقرب إلى بعضهما .
فقد عد الخلاف السني الذي وقع بين الحنابلة والأشاعرة من شتى المذاهب في القرنين الخامس والسادس الهجري من أكثر الخلافات التي مزقت لحمة الأمة والأشاعرة يقصد بهم جماعة قلدت أبوا الحسن الأشعري المتوفي سنة 324أو 333هـ ، الذي ذكر بعض المؤرخين بأنه كان على مذهب أحمد بن حنبل في جزء من رؤيته لمسألة الصفات الإلهية بينما خالفه في جزء أخر منها حيث أثبت الصفات الخبرية الواردة في القرآن الكريم و السنة النبوية ، ونفى قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى.
وقد استطاع أبو الحسن الأشعري جلب الكثير من الأتباع من شتى المذاهب بسبب وسطيته وعدم غلوه في مسألة الصفات التي كانت هي أكثر ما سبب الخلاف بين المسلمين وتفريقهم إلى طوائف ، وتكفير بعضهم لبعض كما هو الحال بين الحنابلة والأباضية  وإن اعتبر بعض الحنابلة هذا التوسط هو توسط بين الحق والباطل ،  مما تسبب في عدم رس مذهب الأشاعرة على شاطئ الصواب من وجهة نظرهم.
 إلا ان الاختلاف بين الحنابلة والأشعريين ظل خلافا إيجابيا استفادت منه الأمة عنندما كان يعتمد على المجالس والنقاشات العلمية في المجالس بالمساجد وعلى المؤلفات التي تؤيد حجة هذا الطرف وتدحض حجة الطرف الآخر ، ومن الأمثلة على تلك المؤلفات كتاب أبو بكر بن فورك الأصبهاني الأشعري في تأويل صفات الله تعالى ، - و معنى التأويل هنا هو صرف المعنى الظاهري للفظ ، إلى معنى آخر مرجوح - و ردّ عليه القاضي أبو يعلى الفراء الحنبلي في كتاب سماه : إبطال التأويلات لأخبار الصفات ، أثبت فيه الصفات التي أوّلها ابن فورك ، و زاد عليها كثيرا ، فاتهمه الأشاعرة بتجسيم الله تعالى و تشبيهه بمخلوقاته ، وأمثلة هذا النوع من المؤلفات كثير.
ولم يكن الاختلاف فقط في العقيدة بل تجاوز إلى الفقه ومن أمثلة ذلك عندما اعترض الحنابلة على الشافعية والمالكية الأشاعرة قراءتهم لدعاء القنوت في صلاة الصبح ، و ترجيعهم للأذان ، و جهرهم بالبسملة في الصلاة ، فانقسمت العامة بين مؤيد و مخالف لهم ، ثم انحازت كل طائفة إلى الطرف الذي مالت إليه حتى وصل ببعض الحنابلة إلى الذهاب إلى أحد مساجد الشافعية ، و نهوا إمامه عن الجهر بالبسملة ، فأخرج مصحفا و قال لهم : أزيلوها من المصحف حتى لا أتلوها .
 ثم تطور الاختلاف ليتحول من خلاف إيجابي إلى  خلاف سلبي حين وصل الأمر إلى درجة الاستهزاء والتكفير والاقتتال فقد كان الحنابلة يتهمون الأشاعرة بالنفاق من خلال التمويه على الناس ، و إخفاء عنهم مقالتهم في صفات الله و كلامه ، فإذا خاطبهم من له هيبة و حشمة من أهل الأثر ، قالوا له : الاعتقاد ما تقولونه ، و إنما نتعلّم الكلام لمناظرة الخصوم .حتى قال عنهم العلامة الجليل الموفق بن قدامة المقدسي إنهم يُخفون مقالتهم في القرآن الكريم ، من إنه ليس كلام الله حقيقة ، و إنما هو عبارة عنه ، فإنهم لا يتجاسرون على إظهارها ولا التصريح بها إلا في الخلوات و لو إنهم ولاة الأمر و أرباب الدولة ، و إذا حكيت عنهم مقالتهم التي يعتقدونها ، كرهوا ذلك و إنكروه و كابروه ، و لا يتظاهرون إلا بتعظيم القرآن ،و تبجيل المصاحف، و القيام لها عند رؤيتها ، و في الخلوات يقولون : ما فيها إلا الورق و المداد ،و أي شيء فيها ؟ . (انظر بن قدامة : مناظرة في القرآن ، ص: 58 ) رغم عدم الوقوف على ما يدل على ذلك ، سواء في الخلوة او في غيرها ، فالأشعرية كسائر المسلمين يضعون المصحف الموضع الذي جعله القرآن فيه بقوله تعالى : (لايمسه إلا المطهرون) وهذا موجود في كتب فقهم .كما أن موقف الشيخ العلامة ابن قدامة يعد من باب مخالفة ماوصى به الخليفة الراشد عمر بن الخطاب أبي موسى الاشعري في رسالة القضاء حيث يقول فيها : .....فإن الله عز و جل تولى من العباد السرائر وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأيمان.
إلا أنه للإنصاف  فالأشاعرة أيضا ليسوا بريئين من النفخ في موقد نار تلك الفتنة وإن لم يكن بالقوة والسيف كما كان يفعل الحنابلة فقد كان بالكلام والتقول حيث نقل عنهم بأنهم أرسلوا رسالة إلى الوزير نظام الملك بخراسان ضمنوها الكثير من الكذب والتزييف على الحنابلة ووصفهم بأمور الردة والكفر حيث ذكر بعض الحنابلة ومنهم أبو الوفاء بن عقيل بأن بعض الأشاعرة كان يتعمد الكذب عليهم ، نكاية فيهم و انتصارا لمذهبهم .
وظل هذا الاختلاف يتطور من مرحلة إلى مرحلة أخطر حتى وصل الأمر إلى انتهاك حرمات بيوت الله تعالى حيث نقل أن عيسى بن عبد الله الغزنوي الشافعي ، دخل بغداد ووعظ بجامع المنصور و أظهر مذهب الأشعري، فمال إليه بعض الحاضرين ،و اعترض عليه الحنابلة ، فنشب عراك بين الجماعتين داخل المسجد.
و أما اللعن فهو أيضا كانت سوقه رائجة بين الحنابلة و الأشاعرة ، ضمن النزاع المذهبي القائم بينهما ، فمن ذلك إن الحسين بن أمامة المالكي قال إنه سمع أباه يلعن المتكلم أبا ذر الهروي الأشعري  بقوله : لعن الله أبا ذر الهروي ، فإنه أول من أدخل الكلام إلى الحرم -أي المكي- ،و أول من بثه في المغاربة ( انظر درء التعارض لابن تيمية ، ج 2 ص 101 )
ولم يكن خلاف الحنابلة مقتصرا على مذهب دون آخر فقد نقل تعصبهم على الفقيه أبو الحسن برهان الدين علي بن الحسن البلخي الحنفي ، شيخ الحنفية ببلده ، قدم دمشق سنة 510هـ ، و عقد بها مجلس وعظ و تذكير ، و أظهر فيه خلافه للحنابلة و تكلم فيهم ، فتصدوا له و تعصبوا عليه ، فترك دمشق و توجه إلى مكة المكرمة .
ولم يسلم المذهب الظاهري من الاكتواء بنار ذلك الخلاف ،فمما رواه ابن حزم الظاهري ، من أن أحد الأشاعرة بمصر ، كان ينكر تكلم الله تعالى بالقرآن ، و يلعن من يقول ذلك ألف لعنة . ثم وصف الطائفة التي تقول ذلك بأنها الطائفة الملعونة. ثم عقّب عليه ابن حزم بقوله : إن من يقول ذلك ، عليه ألف ألف لعنة تترى .
 و تُعد هذه الفتنة كما ذكرت سابقا من أخطر ما تجلّت فيه الأزمة العقيدية التي عصفت بالمذهب السني .حيث أنه منذ تلك اللحظة عرف المجتمعين الكثير من الحقد و الكراهية فيما بينهم ، دون أن تظهر محاولات جادة لوضع حد نهائي لها ، مما زاد في اتساع نطاقها و اشتداد حدتها . لتصل إلى يومنا الحاضر وإن كانت تحت مسميات جديدة الوهابية والأشعريون والبدعيون والتكفيريون والقبوريون .والمتشددون .... الخ .فلازال الحنابلة بتشددهم مع غيرهم وإن أصبحوا يعرفون في الوقت الحاضر بتسمية الوهابيين ، وذلك بنشر التشدد وعدم القبول إلا بما سطرته أنامل من يقتدوا بهم في حين كان الأولى بهم ماداموا ادعوا السلفية بأن يحذوا حذو الصحابة الذين كانوا يتراجعون عن أقوال لهم بعدما يجدوا بأن الصواب في رأي غيرهم ، وما أكثر الأمثلة على ذلك . واستخدامهم للعنف الجسدي اتجاه من يخالفهم وإرغامه على القبول بمعتقدهم بالقوة ، وهذا امتدادا لما عرفوا به منذ بداية هذا الخلاف بين الحنابلة والأشاعرة حيث نقل أحد المؤرخين إن مدرسا أشعريا جلس ذات يوم بجامع المنصور ببغداد ، سنة 461هـ ، فشرع في التعريض بأهل السنة من الحنابلة ، و أشار إلى فضل أبي الحسن الأشعري و من وافقه ، فقام إليه بعضهم ، و أنزله من على الكرسي ، لكنه عاد إليه ، فقاموا إليه ثانية ،و كسروا كرسيه ،و عوّضوه برجل منهم.
إلا ان الأشعريين ايضا يؤخذ عليهم الكثير مما يوصف بالتساهل في أمور العقيدة حتى أن البعض وصفه بالتهاون في أمور الدين ، وعدم تغيير المنكر، بل حتى انه يبدوا للمرء كما لوأنهم يؤيدون ذلك المنكر ويزكونه .
وسيظل هذا الخلاف قائما إلى يوم القيامة لأن الاختلاف سنة الحياة ، إلا أنه يجب أن لايفوت الجميع بأن الأمة هي أحوج إلى التوحد في وقتها الحاضر ، والقبول بالأقرب ولو إلى حين على الأقل ، حتى تتمكن الأمة من مواجهة المخاطر المحدقة بها وبأوطانها وبمبادئها . فكفاها أن إلإيمان بإله واحد وبرسول واحد يجمعها ، ولتدرك كل الطوائف الدينية بأنه لا الرحمة ولاالعذاب بيدها ، ولاهي من تحددهما ، ومادام الله تبارك وتعالى خاطب رسوله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وهو أفضل خلقه عندما بالغ في الدعاء على قتلة حفظة القرآن ، فقال جل من قائل مخاطبا له : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ.(سورة آل عمران ، الآية 128) .فعلى من لايمثلوا قدر دانق من مرتبة رسول الله عند ربه أن يتركوا التصرف والتصنيف للخلق والناس لرب الخلق والناس .


الدكتور :( ولد بتار) الشيخ محمد المختار الطلبه

الأحد، 9 يونيو 2013

هل تواطأ ولد حننا مع اعل وعزيز في انقلابه على معاوية؟

هل تواطأ ولد حننا مع اعل وعزيز في انقلابه على معاوية؟
ماعرف بانقلاب ولد حننا لاشك أنه أحدث صدمة ورحة في هيكل النظام الحاكم آنذاك في البلد ، وليس مخطئا من يقول بأنه شكل سببا لتجرء المجلس العسكري وخاصة السيد محمد ولد عبد العزيز على الانقلاب على السيد معاوية ولد سيد احمد الطايع ،بعدما اثبتت تلك المحاولة هشاشة النظام الحاكم آنذاك ، فعرت نقاط الضعف الكثيرة فيه  ، خاصة منها إظهار مدى اتكالية السيد الرئيس معاوية ولد سيد احمد الطايع في حكمه على الثلة العسكرية التي ستنقلب عليه لاحقا ، كما أن ذلك الإنقلاب كان بطاقة تعريف مثالية للسيد اعل ولد محمد فال ، حيث أن الرئيس معاوية من حيث لايدري أعطى زخما كبيرا له ، أضافه إلى رصيده العسكري داخل القوات المسلحة ،من خلال الإسراف في تقدير الدور الذي قام به لإفشال ذلك الانقلاب  كما أنه نصع وجهه أمام الشعب الموريتاني فأظهره بالرجل الشجاع الذي استطاع بحنكته ودهائه أن يفشل انقلابا طبل الإعلام الرسمي لمدى حسن تخطيطه وتنفيذه ، وكمل ذلك التفخيم والإجلال معاوية عندما قال دمرناهم دبابة دبابة ، وهذا التبجيل والتقدير هو ما اتكأ عليه المجلس العسكري بدهاء السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز ، عندما سلمه السلطة ولو رمزيا لإدراكه بأن الشعب الموريتاني قد يتقبل وجه اعل الذي لازالت أذانه صماء من الثناء عليه لشجاعته في إفشال الإنقلاب ، وبالتالي فإنه هو المثال الأعلى الذي سيتقبله الشعب والمعارضة ، كبديل عن نظام اعتبره الكثيرون بأنه استمر أكثر مما ينبغي ، وبقية القصة بعد ذلك يعرفها الجميع .
أعود الى انقلاب صالح ولد حننا لأقول بأنه وإن كانت تحسب له إيجابية التسبب في التغيير الذي حدث لاحقا ، إلا أنه تسبب في مقبل بعض الأشخاص ، وهذا ما لن يغفره له التاريخ بغض النظر عن القاتل الحقيقي لأنه إن لم يكن هو القاتل فقد كان السبب في الفوضى التي حدثت ، كما أنه كاد أن يتسبب في حرب أهلية كانت ستقضي على اليابس الذي لم يعرف البلد لغيره وجود منذ استقلاله وحتى يومنا هذا . وسيبقى السؤال الذي لازال يحير بعض الذين تابعوا ذلك الحدث حتى الأن لماذا أبقى السيد الرئيس معاوية ولد سيد احمد الطايع على حياة صالح ولد حننا ورفاقه ، وهذا ليس تمنيا مني لوقوع عكس ذلك ، فالرجل أقدره وأقدر رفاقه ، ولكنه سؤال يطرح نفسه لمخالفته للطبيعي ، فمعروف أن أي محاولة انقلابية تحدث في أي بلد من العالم غالبا ما يتم إعدام أصحابها ، اللهم إلا إذا كانت تلك المحاولة هي انقلاب وهمي كان المقصود منه تصفية المرحوم محمد الامين ولد انجيان ، وفي نفس الوقت بالون اختبار للإنقلاب الذي سيحدث لاحقا ، حيث أن صالح ولد حننا كان له اتفاق مع بعض المقربين من السيد الرئيس معاوية ولد سيد احمد الطايع مثل اعل وولد عبد العزيز وغيرهما ، لكن دون أن يعلم صالح بأن هؤلاء قد خططوا مسبقا لإفشال انقلابه بحيث يتوقف دوره عند تصفية ولد انجيان الذي كان يفوقهم مرتبة عسكرية ، ولايثقون بولائه لهم في حال انقلابهم ، وفي نفس الوقت جعل ولد الطايع يثق فيهم ثقة عمياء ، بحيث يسلم لهم الخيط والمحيط ، فيخففوا بسبب ذلك احتمالات الخسارة عند انقلابهم اللاحق ، ولما وجد صالح بان انقلابه فشل ، وكان للآخرين ما أرادوا ، اتفق الجميع على حل وسط ينجوا بمقتضاه صالح ورفاقة من حبل المشنقة ، وفي المقابل لايبوح ولد حننا بأسماء من ساعدوه من داخل النظام ؟. لأن هذا التحليل ببساطة هو ما يمكنني أن أفسر به خروج كتيبة دبات ووصولها إلى القصر الرئاسي وإلى قيادة الأركان الوطنية دون ان يشعر أحد بذلك .
وفي الأخير فبالنسبة لي أدرج كل من حاول أو نفذ انقلابا في فئة الشجعان  لأنه أقدم على خطوة يدرك مسبقا بأنها إما له وإما عليه ، فإما أن ينتصر وإما أن ينكسر ، خاصة إذا كان هدفه أسمى ونهايته حسنى ،وإن كنت أعترض على الانقلاب من حيث المبدء سواء كان انقلابا على سلطة شرعية أو غير شرعية ، لما قد ينتج عنه من مآسي قد تقود البلد إلى المجهول ، ولنا في بعض البلدان التي حدث فيها انقلاب وتشبه في جغرافيتها الإنسانية إلى حد بعيد التكوين الطبقي والتنوع الطائفي الموجود عندنا.

الدكتور :(ولد بتار) الشيخ محمد المختار الطلبه

الخميس، 6 يونيو 2013

ملامح المعركة في سوريا

 ملامح المعركة في سوريا
1-   هل يمكن لأحد ان يلوم الغرب على دعمه للشيعة ضد السنة ؟
2-   هل يمكن لأحد ان يلوم حزب الله على التدخل في النزاع السوري ؟
3-   لماذا لم تنتصر المعارضة السورية على النظام ؟
4-   هل سيشهد الجولان عمليات مقاومة على شاكلة ما كان يحدث في جنوب لبنان ؟
السؤال الأول : الأطراف هي : الغرب والشيعة والسنة
الجميع يعلم بأن الغرب لم يعاني من الشيعة ماعاناه من السنة ، فكل الهجمات التي حدثت داخل تلك الدول هي من جهات سنية بغض النظر عن فهمها المتشدد للدين ، في حين لم تشهد تلك الدول أي عملية تهدد أمنها من أي متهم شيعي ، حتى أن العملية التي حدثت في بلغاريا ، والتي حاول البعض توظيفها دعما لإسرائيل باتهام حزب الله بها ، حتى يتسنى للدول الأوروبية وضعه على لائحة الإرهاب ، نرى في الأيام الاخيرة بأن مسؤولي الدولة البلغارية بدأوا يصرحون في الأونة الأخيرة بان حزب الله بريء من تلك العملية .
وعليه فإن الغرب يرى بأن دعمه للسنة ضد الشيعة في سوريا ،وإن كان فيه إضعاف لإيران ومن بعده حزب الله ، إلا أنه عند المقارنة بين المخاطر التي قديشكلها انتصار من يطلقون على أنفسهم السلفيين الجهاديين على امن تلك الدول هي اكبر من ما يشكله النظام السوري والإيراني وحزب الله ،والتجربة الأفغانية ليست ببعيد ، خاصة أن إيران وحزب الله في النهاية مقدور عليهم ، بل وحتى بالإمكان إسقاطهم في ظل وجودهم ضمن محيط سني يزداد امتعاضا منهم.
السؤال الثاني : الأطراف هي حزب الله وسوريا
إن حزب الله شاء البعض أم أبي يعيش في منطقة هي مكان للتوتر الظائفي والدولي ، وبالتالي فإنه لن يألوا جهدا في المحافظة على تفوقه العسكري مما يضمن له رادعا أمام كل منافسيه في الداخل اللبناني وفي الخارج المحيط به كإسرائيل ، ومنطقة القصير في سوريا بالذات هي امتداد للجغرافيا السنية في لبنان ، وهو يخشى ان تكون طريقا لدعم السنة في لبنان بالسلاح والعتاد ، وليس العكس كما يرى بعض المحللين السياسيين والعسكريين بأن منطقة القصير هي طريق لمد المعارضة بالسلاح .
السؤال الثالث : الأطراف هي المعارضة المسلحة والنظام السوري
إن ما بدأ كثورة سلمية في سوريا ، كان لابد أن ينتقل في لحظة ما إلى ثورة مسلحة ، لأن اغلب من قاموا بتلك الثورة هم من السنة ، ولازالت تجربة بداية الثمانينات والقمع الدموي الذي قاده رفعت الأسد ضدهم بأمر وبدون أمر من الرئيس السوري السابق حافظ الاسد ، لازالت تلك التجربة ماثلة امام أعينهم ، وعليه فإنهم لم يريدوا ان يلدغوا من نفس الححر مرتين .فمنذ  اللحظات الأولى بدأوا بالتفكير فيما يردون به تلك الهجمة الشرسة التي ينتظرون من النظام شنها عليهم ، لكن المشكلة أن  تلك الخشية تحولت إلى نزعة طائفية تمثلت في حالات تعد من أبشع ما شهدته الأمة البشرية تمثلت في تمثيل بالجثت والقتل على الديانة والطائفة ، وهذا خطأ وقعت فيه المعارضة المسلحة ، حتى وإن كان البعض برر لها ذلك بمدى ما تعانيه من وحشية النظام ، لأن هذا ليس مبررا ، فالثورة قامت للقضاء على الوحشية ولم تقم لاستلاد وحشية جديدة ، وهذا ما جعل بعض مسانديهم ينكصون عن دعمهم لهم ، والبقية أصبحت تشكل في مدى صوابية موقفها منهم .
السؤال الرابع : الأطراف هي : المقاومة وإسرائيل
إذا خرج النظام السوري من هذه المعركة منتصرا فإنه سيكون أقوى مما كان عليه في السابق ، وفي المثل يقال: الضربة التي لاتقتل تزيد قوة ، وبالتالي فإنه سيكون بمقدوره فتح جبهة الجولان ضد إسرائيل لعدة أسبات :
1-   حتى يفتح متنفسا لأولئك الذين يوصفون بالتشدد الإسلامي لتنفيس غضبهم من الواقع الذين يعيشونه في ظل القمع من أجهزة النظام ، بحيث يفتح لهم بابا يكون فيه الإنتحار بثمن ديني ، مما يسهل عليهم عملية الانتحار . هروبا من واقعهم المعيشي الاقتصادي المتردي من ناحية ، ومن ناحية أخرى انسداد الافق الديني عندهم الذي يتجلي في استحالة إمكانية إصلاح مجتمعهم وسلكه للطريق الديني الذي يتصورون .
2-   أن ِإيران وحزب الله ، يريان بأنه لتخفيف الضغط على حزب الله في حال دخوله معركة في المستقبل ضد إسرائيل ، يجب ان تكون هناك جبهة أخرى مفتوحة ضد إسرائيل في نفس الوقت ، وهي  لن تكلفهم لارجالا ولامالا ولاعتادا ، كما انها ستكون قوة جديدة مسلحة للطائفة العلوية في سوريا ضد بقية الطوائف الأخرى كما هو حال حزب الله ضد الطوائف الأخرى في لبنان .
3-   ما كان يخشاه النظام السوري هو السقوط والتدمير ، وهذان الأمران لم يعد منهما خشية فالسقوط ثبت من خلال المعارك التي دارت بأنه في مناى منه ، أما التدمير ، فلن يكون شيئا أفظع مما حدث ، كما انه بفتح تلك الجبهة سيراهن على استرداد الموقف العربي الشعبي والرسمي ، كما راهن على ذلك حزب الله في معركته ضد الدولة اللبنانية وظوائفها .


الدكتور : (ولد بتار) الشيخ محمد المختار الطلبه

لماذا التخصص في الفقه المقارن؟ ولس علم أصول الفقه أو العقيدة

لماذا التخصص في الفقه المقارن؟ ولس علم أصول الفقه أو العقيدة
عندما قررت أن أسجل بالدراسات العليا كنت مصرا على ان أكمل الجانب القانوني الذي درسته بالجامعة لمدة 4 سنوات وتعلمت من خلاله اكثر من 18 مادة قانونية و 6 مواد سياسية أن أكمل ذلك الجانب بالدارسة الشرعية خاصة أن النصوص الشرعية   من المفنر ض أن تكون هي الوجه الأخر للقانون في الدول الإسلامية أي بمعنى أدق هي قانون تلك الدول . وعند استفساري من كلية الدراسات العليا عن التخصص الذي يسمح لي التسجيل به بناء على شهادة المتريز الموجودة عندي ذكر مسجل الكلية بأن التخصصين اللذين يمكنني الاختيار بينهما تخصص أصول الفقه ، وتخصص الفقه المقارن ، عندها بدأت المرحلة الأولى من دراساتي العليا وتمثلت في الدراسة الذاتية ، حيث بدأت القراءة عن التخصصين المعنيين للوقوف على اهتماماتهما العلمية ، حتى يتسنى لي الاختيار بما بتناسب مع طموحاتي الأكاديمية ، واستمرت مدة الدراسة الذاتية تقريبا 5 اشهر انتهت في الأخير إلى قناعتي بدراسة الفقه المقارن ، حيث وجدت أن هذا التخصص يستحق التعمق فيه أكثر من أي تخصصات أخرى مثل  أصول الفقه او العقيدة أو أي تخصصات أخرى ، ليس بسبب أهميته أكثر من تلك التخصصات ، ولا من عدم جدوائية دراسة تلك التخصصات ، وإنما لأن هذا التخصص حسب وجهة نظري يفتح لك آفاقا جديدة للتعرف على ما بيد الأخرين من أسانيد وأدلة وما يعتمدون عليه في عباداتهم ومعاملاتهم ، بغض النظر عن اتفاقك  أو اختلافك معهم ودون أن يقودك ذلك إلى إنكاره أو الطعن فيه لأن ذلك ليس مطلوبا منك ، لا أكاديميا ولا عقديا ، ولا مذهبيا . وقبل أن أسترسل في شرح مبررات هذه المنفيات أود أن أعطي تلخيصا لتعريف هذه المصطلحات وهي : أصول الفقه والعقيدة والفقه المقارن. دون التطرق إلى مدارسها ومللها وطوائفها .ولا من ألف فيها أولا ولا الأسباب التي أدت إلى الاهتمام بها ، بل سأحاول قدر المستطاع تبسيط ذلك التعريف حتى يتمكن القارئ غير المتخصص في فهم معناه .
1-   علم أصول الفقه : معني بالتوصل إلى الفقه بالدين ومعرفة الحلال من الحرام بطريق يطمئن إليها العالم ويقتنع بها طالب العلم.
2-   علم العقيدة: معني  بمعرفة ما يتعلق بالأمور الغيبية وما ينتج عنها من الآثار الحسنة ، كالأسماء والصفات... الخ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( نحن -معاشر الأنبياء- أولاد علات، ديننا واحد )، وأولاد العلات هم الذين أبوهم واحد وأمهاتهم شتى،
3-   علم الفقه المقارن : اولا كلمة التقارن في اللغة توحي بشيء من التشاكل، والموازنة، والبحث عن الأرجح ، أما علم الفقه المقارن فيعني : المقارنة بين مذهب الشافعي و مالك و أبي حنيفة و أحمد وأمثالهم من الفقهاء والأئمة، وهذه المذاهب لا يجوز أن يجزم أن أحدها أرجح من الآخر على الإطلاق، لأن المسائل التي اختلفوا فيها قد اختلف فيها الأئمة قبل هؤلاء الأربعة.
أما لماذا تعلم الفقه المقارن بالذات والتخصص فيه وتفضيليه على التخصصين الأخرين فإن ذلك يعود إلى مجموعة من الأسباب ، ولكن قبل ذلك أعود وأؤكد أن ما أقوله هنا لاعلاقة له بتفضيل هذا العلم على تلك العلوم من الناحية الشرعية ، أو الطعن في مواقف أولئك المتخصصين في تلك العلوم ، وإنما لأوضح طريقة سهلة لاستعلال النزر القليل من الوقت الذي أصبحت تسمح به المتغيرات الزمنية والأعباء اليومية للفرد لتعلم شيء مفيد.
أولا : فمن خلال تعريف أصول الفقه فإن من بين أهم ما اعتبر الفقهاء ضرورة لتعلمه هو تأكيد المتعلم على حجية الأجتهادات الفقهية التي أخذ بها إمام مذهبه في  استنباط الأحكام الفقهية ، والذي قد يؤدي به هو نفسه إلى ان يجتهد بناء على ما يرى بانه أو صله إليه علمه من خلال تخصصه في هذا العلم ، وقد يخالف إمامه نفسه. وبالتالي فإن المجتهد الجديد لن يكون ذا إضافة فعلية تستفيد منها الأمة بقدر ما أضاف إلى تلك الاقوال قولا جديدا أو إلى معتنقي ذلك المذهب منافحا جديدا . في حين أنه يكفي للمرء المسلم أن يقلد إماما عالما عارفا كما قال الشيخ خليل : في مسالة القبلة. دون الحاجة إلى معرفة أدلته وبراهينه ، وأن يستغل ذلك الوقت في القراءة عن المذاهب الاخرى بما يعرف بالفقه المقارن .
ثانيا : من خلال تعريف العقيدة ، وتتبع ما أدى إليه التعمق في مقاصدها ومعانيها ، نجد بأن أكثر الاختلافات التي عانت منها الامة الإسلامية جاءت بسبب أولئك المهتمين بهذا الجانب حتى وصل الأمر من كل طائفة عقدية إلى تكفير بقية الطوائف العقدية الأخرى وتبديعها. وكما قلت في مسألة تعلم أصول الفقه بأن مجرد الثقة في الإمام أو العالم تكفي لاتباعه ، فأصل الدين الذي هو العقيدة متفق عليه بين أنبياء الله كلهم متقدمهم ومتأخرهم، وأما الشرائع والفروع فيحصل بينها اختلاف بحسب المناسبات قال تعالى : لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا (سورة المائدة 48)  والمشكلة أن وكل طائفة عقدية تستدل بالآيات القرآنية ، وترد عليها الطائفة الأخرى بأنه حتى لو تم الاستدلال بالقرآن  ، فإن ذلك الاستدلال على غير مدلوله .فمثلا تعتبر رؤية الله في الآخرة من أكثر الاختلافات بين بعض الطوائف العقدية حيث أن من يرون بأن الله سوف يراه المسلمون يوم القيامة ، من ضمن الأدلة التي يحتجون بها الآية الكريمة (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) إلا أن طائفة عقدية اخرى ترى بأن هذه الآية لاتدل على الرؤية ، لأن الوجه لايرى وإنما العين هي التي ترى ، ويدللون على ذلك بقوله تعالى ( والفلك تجري بأعينا ) وعليه فستظل كلمة على غير مدلوله  دائرة إلى يوم القيامة مما ينتج عن الاختلاف جدلا عقيما لن يؤدي إلا إلى مزيد من التشرذم والاختلاف في الأمة في حين كان يكفي كل أولئك الامتثال بما جاء في رسالة القرآن الكريم ، وحث عليه حامل تلك الرسالة سيد الوجود عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال : أمرت أن أقاتل الناس حتي يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها.(متفق عليه).
ثالثا : من خلال تعريف الفقه المقارن : نجد بأن تعريفه الإصطلاحي هو المقارنة بين المذاهب الأربعة وأمثلتهم من الفقهاء والمذاهب ، وأجعل خطا تحت كلمة وأمثلتهم ، فمن الذي له الحق في تحديد أمثلتهم من الفقهاء والمذاهب ، وهذا هو دور القارئ لأصول الفقه والعقيدة ، وكما ذكرت سابقا ، فلا أرى بأنه في عصرنا الحالي بحاجة إلى من يقرر ذلك ، لأنه لن يأتي بجديد وإنما سيزداد قول أحد الطرفين بواحد كما قال الشيخ محمد الحسن ولد الددو ، بينما المتخصص في الفقه المقارن ، فإنه يطلب منه أكاديميا أن يأتي بجميع أقوال تلك المذاهب وأي مذاهب أخرى في مسألة ما دون تحيز لهذا الطرف أو ذلك ، وهذا ما يولد لديه علما بأدلة كل تلك المذاهب وماقيل في تلك المسألة ، وهنا يستفيد ، وليس مطلوبا منه أن يرجح أحد الأطراف وإن كان لايوجد ما يمنع ذلك . كما انه يضفي على روحه مسحة من الاعتدال تجاه كل الطوائف ، وينبذ التشدد والتعصب الأعمى ، خاصة إذا كان كل اولئك متفقون على أن دليلهم وحجتهم مسنودة للقرآن وسنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام مع اختلاف التأويل والفهم ، والمجتهد قد يصيب وقد يخطئ لقوله صلى الله عليه وسلم "فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا؟، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "إذا حكم الحاكم، فاجتهد، فأصاب; فله أجران، وإن أخطأ; فله أجر واحد. أخرجه: البخاري في (الاعتصام, باب أجر الحاكم إذا اجتهد, 4/372), ومسلم في (الأقضية, باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد, 3/1342); عن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
وقد قال الإمام مالك رحمه الله تعالى : ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه و سلم ،
وحتى لايقول قائل لي كما قال أحد العلماء في مناظرة مع عالم آخر عندما عقب على الشيخ ابن تيمية فقال له : ومن نحن حتى نعقب على ابن تيمية ، وإن كان العالم الآخر : أجابه ومن هو ابن تيمية حتى يعقب على الأئمة الأربعة ويخالفهم في بعض أحكامهم ، فإنني أعود وأقول بأن ما  كتبته هنا ليس تقليلا من تعلم علم أصول الفقه أو العقيدة بل احث على تعلمهما وتعلم العلوم الأخرى كاللغة العربية وعلومها ، وإنما الذي أقصده هنا رد على سؤال قد يطرح وهو من كان لديه وقت قليل ففي أي العلوم أنفع له؟ ، فوجدت بأنه من خلال تجربتي وبحثي في هذا الموضوع لي الحق في إسداء ما أعتبره نصيحة وهو الحث على اختيار علم الفقه المقارن.


الدكتور (ولد بتار) الشيخ محمد المختار الطلبه