الجمعة، 27 يونيو 2014

موريتانيا .. الوطن.. وأنا..


العنوان : موريتانيا.. الوطن.. وأنا..
موريتانيا : وطني الحبيب.... كم قاسيت من بغي الطغاة... كم تأوهت من آهات.... كم عانيت من ظلم وويلات.... كم مرة حاولوا تحطيم كبرياءك الضارب في التاريخ...منذ أن مرغت انف المستعمر في التراب...فانساق لك طائعا كسير الجناح فقرر الانسحاب....تتغير الوجوه ... وتختلف الأسماء... وتبقى نفس العادات.... وبنفس المواصفات... غبن... ظلم... احتيال...
يشكوا ليلك لنهاره ... فيلبسه عباءة السواد... لأنه اللون الطاغي.. في كل وقت وزمان... حكام أباحوا كل المحرمات... ينتشون من دماء الفقراء .... ويرقصون على أنغام سياط الجلاد... يرتدون أقنعة الكذب والدجل...  بعدما يوهموك عند مقدمهم بوجه قديس وسبحة شيخ وتراتيل كهان... يقولون من الكلام معسوله ...بعدما يقلب مستشاريهم كتب العظماء  لينتقون أحسن الألفاظ وأصدق العبارات ... يرددونها كالببغاوات .. لايفقهون لها معنى ولا يقيمون لها وزنا  ويطبقون من الفعل مضمونه... حتى إذا مااشتد العضد ..وقوي السند...يبدءون بإصدار الفرمانات .. ليؤكدوا أنهم الأفضل وربما نزغ الشيطان في عقل أحدهم فظن أنه النبي المرسل....كل يغني على ليلاه البائسة في عتمة الليل الدامس بالسواد.... وهل يعرفون الغناء... أصواتهم نشازا...وأوتارهم حديدا...

موريتانيا : وطني الحبيب.... كم قاسيت من بغي الطغاة... كم تأوهت من آهات.... كم عانيت من ظلم وويلات....
شعبك ألف الذل والخشوع والهوان... شد على نفسه أنشوطة الخوف... فصار يخشى الانزلاق.. حكمته في الحياة.. من لاينا فق لايوافق..
ياءيها الشعب...  يا عبد الدرهم والدينار... ياءيها الجاثي دوما على ركبتيك إلى أن أصبحت مقعدا..ياءيها الحافي من كل قيم الشهامة والأبوة.. تبيع الموقف في سوق النخاسة لمن يشتريه إلى أن امتنع المزاد... يامن أرخيت على وطنك سدل ليل الظلمات... موالاتك ضمير الأموات... ومعارضتك خيال الأمنيات.... تعود الكل أن يريق ماء وجهه على فتات موائد الحكام..
يامن تدعوا لمحو ذكريات الشابي من قاموس التاريح حتى لايفهمها الجيل القادم لأنه مجد الشعب على الحاكم فقال :
 إذا الشعب يوما اراد الحياه...... فلابد أن يستجيب القدر
واعتبرت في استنهاضه لهمم الشعب جريمة لاتغتفر حين قال :
ألاانهض وسر في سبيل الحياة .... فمن نام لم تنتظره الحياة
و تطلب نفي  احمد مطر في غياهب كلماته لأنه اشتكى فيها حاله مع حكامه فقال :
المعجزات كلها بدني ... حي أنا لكن جلدي كفني ..أسير حيث اشتهي..لكنني أسير ... نصف دمي بلازما ونصفه خفير.... مع الشهيق دائما يدخلني... ويرسل التقرير في الزفير... وكل ذنبي أنني... آمنت بالشعر .. وما آمنت بالشعير.. في زمن الحمير

موريتانيا : وطني الحبيب.... كم قاسيت من بغي الطغاة... كم تأوهت من آهات.... كم عانيت من ظلم وويلات....
ألا أخبرك عن آخر الطغاة .... هو مثل كل الرؤساء... كان يوم ترشح كف بياض... وحمامة سلام... يتقن العزف على نفس اللحن ... أحلام الفقراء... وعناء الشباب... فبنينا عليه أحلام المستقبل سبعا شدادا... فاخترناه ...
.... رأينا فيه طموح الشباب .... وعشنا معه لحظة البحث عن الذات .. إلى أن تبين أن كلامه لغو ... وأفعاله تدفعها الأناة  ... فأتقن صناعة اليأس ... يملك حصرا مايسمى بالاكتفاء الذاتي الشخصي... هو العالم... هو القاضي.. هو المهندس..هو.. هو..فاختزل الوطن في شخصه..
أنا لست معارضا ... حاشا لله.... ولست مواليا... حاشا لله ... أنا من كان يبحث فيه عن صمود اتشي جيفارا ... وعزيمة نابليون.... وصدق ابراهيم كاراسكوا ذلك الشاب البيروفي الذي ابتدع لقسم الولاء طريقة الشرفاء.. شاب لما اراد استلام رئاسة بلدة نائية في البيرو جثا على ركبتيه وطلب من أحد وجهاء بلدته أن يجلده ثلاث جلدات قال في الأولى : لاتكن سارقا.. وهو سرق أحلام الفقراء... وفي الثانية قال : لاتكن كاذبا.. وهو كل حكمه كذبة....لأن بدايته كذبة بعد ان حاول إقصاء قبائل تزن ملايين أشكاله..وفي الثالثة قال: لاتكن خاملا... وهو نكثت بكل وعوده .. وترك شعبه تسحقه الأزمات.. وتطحنه دوامة الحياة القاسية...
كنا معه.. كل ببكر كانت معه .. ليس لأننا صدقناه فقط .. بل لأن البعض  أوهمنا بأننا هو.. وهو نحن.. لكن ماالذي حدث...لم يستفد ببكر ولاشبابه ...وحتى اولئك الذين شملتهم عطاياه...لم يكن لأنهم من ببكر...وإن كنا نحملهم جانبا كبيرا من المسؤولية في عدم استفادة ببكر أوشبابه  ...لأن بيدهم الوسيلة والكل يعرف ذلك ..فلم يكن ذلك العشم فيهم... ولم يكن يخطر على بال أحد أن هذا سيكون هو النهاية...لكن الأمر وكسجية كل مستفيد.. دائما ماتشكل القرية بالنسبة له نموذجا للوطن.
 فعند الحاجة.... الوطن فوق كل اعتبار... وعند الاستغناء.. ماعرفت فيك خيرا قط... وعند زوال الإستفادة.. الوطن غفور رحيم ... فإلى متى ؟
أنا من أنا.. أنا من أكون .. أنا لغز حير كنهه فصار يطارد خيال الحالمين.....ليكون ما يريده أن يكون.. لكن هيهات .... هيهات ... للحالمين.....
أنا... من أنا ....أنا من أكون.....
أنا من أكون .. ولم التفكير....... أنا أعرف من أكون....
أنا غزال شرد في ارض فلاة تطارده أرواح الشياطين..... همها أن تناله بسهامها ، وهو يصارع قدره المحتوم... هل يستسلم ... أم يظل في عناده المتين.......
أنا جنة فردوس لكن لا يرتادني إلا العصاة الشياطين ، في عصر الدجل والتدنيس ....
أنا من تاريخ قديم ....سموه شنقيط ....
فمن هي يا ترى شنقيط ..... أهي عروسة بحر ..... نسمع عنها في خرافات الأقدمين......
أنا من أكون .. هل سأظل أطارد نفسا تهوى مطاردة النحس .... ترفرف فوق أعمدة دخان نار متقدة من شهب السلاطين ....
هل أبحث عن معناي في كتب الأولين أم في دفاتر الحاضرين أم في صحف إبراهيم وتوراة موسي وإنجيل عيسى والقرآن المبين .
أنا من انأ ......أنا من أكون ....... أنا لاشيء واللاشيء أنا...... لأنه ببساطة  هكذا قال لي وضعي الحزين ....أنت تعرف من تكون...
هكذا أخبرني موظف مطار الذهاب ومطار القدوم في كذا بلد ،وهو يوجهني إلى طابور المنسيين ......... بمجرد معرفته من أكون....
هكذا أعلمتني مضيفة الطيران.. لما سألتها عن سعر مسك الياسمين... بمجرد معرفتها من أكون......
 هكذا أخبرتني نظرات صاحب التاكسي عند بوابة كل مطار ، وهو يطارد زبونا آخر........ بمجرد معرفته من اكون ....
هكذا ينظر إلى موظف الفندق وهو يطلب جواز سفري ومقدم غرفتي ، وهو ينظر إلي بعين الريبة ........ بمجرد معرفته من أكون ....
هكذا يبدوا على وجه حامل أمتعتي بنفس الفندق وعيناه تقولان ، مالي وجيوب المفلسين ....... بمجرد معرفته من أكون ....
هكذا  تنبئني غرفتي وهي تضيق عل جسمي الهزيل ....... بمجرد معرفتها من أكون......
هكذا حدثني رئيس رئيسي وهو يرمي في وجهي عقدي الذي كنت أظنه ثمين...... بمجرد معرفته من اكون .....
هكذا يبدو من حال رئيسي الذي أرسلته بلدي ليكون لي ولغيري معين .... بمجرد معرفتهم من يكون....... فاحتاج معينا له كائنا من يكون  ....
هكذا اخبرتني ممثليات بلادي ... أوقل حوانيت بلادي في بلاد الفتوحات والشام ومابين النهرين ، وبلاد العم سام والهند والسند والصين ...... ببنيانها العتيد ، وعمالها المتسولين....منذ عشرات السنين ... وحتى هذا الحين....
أدخل خلوتي... أغلق على بابي... افرك جبيني....... لعلي أمسح ملامحي التي  تدل على أنني من ارض فقر تعجز عن زرع الأمل في وجوه الناظرين .....
فلمن اشكيه حالي.... ولمن أعيره بعض آلامي... أم أن في الكل ما يكفي من العذاب والأنين..
أم هل علي أن ألعن حظي البائس لأنه رماني في بقعة النتئين...... ارض جرداء لازرع فيها ولاماء ، لانفط فيها ولاذهب ، تتبعثر اشيائي فيها... فلا استطيع لملمتها لاتساع البقعة ...اتساع فيه ضيق....  تكاد منه أنفاسي القليلة تختقي .....
 ام على ان العن تاريخي لأنه جعلني انتمى لهذه الثلة من السكان الصائعين الضائعين ، التي لاتفقه في الدين إلا ما يكبت حرية الآخرين ، وفي السياسة ما يبدي سوءاتهم الدميمة على مرأى ومسمع من التاريخ ، تاريخ لايذكرهم إلا بشين فعالهم ، وزور اقوالهم.
أم على أن اشتم الواقع الذي يفرضه علي وجودي في ظل نخبة تقتات على سواد اقلامها ، فتراها مندثرة بسوادها الجني. ، واقل مايقال عنها بأنها ملة كفرت بابسط مكونات الوطن المتمثلة بالتعاضد والتكاتف من أجل وحدة وطن ..
.... لا... ياأيها الكائن من تكون ،.... قد اشكوا ... واشكوا ... قد أتألم ... وأتألم.. لكن ذلك لن يزيدني إلا صمودا وعزما ...
 لأن الاستلام من شيم الجبناء ....فانا لازلت كالبنيان المرصوص ، لأن قدري أن لا ارضي بالذل والهوان لبلد عشقتها من عشرات السنين ، واذبت فيها كل أحلامي ....
لانها هكذا هي الحياة ، إن لم تهزمها هزمتك ، فلاتزيدني الشكوى إلا تحملا وحبا ....
 ومهما صهرتني التجارب فلن تكون إلا نتاجا طبيعيا لنجاح عملية الانصهار بيني وبينه......
لن أرضي بأن تحولني ثلة قليلة من حاكميه أو نخبوييه على مر العصور بأن أكون يائسا ... أو يدا عليه ......
 سأساعده على الصعود إلى عتبات التاريخ،
سأقاتل حتى يكون غد بلادي  ليس يوماً يؤرخ بانقلاب أو ثورة أو معركة او مجيئ رئيس جديد ،  وإنما يؤرخ لوحدة وطن  ، وقيام دولة ترقى من المُهْمَلِ إلى المُؤثِّر ومن الخامل إلى الحَيَويِّ ، فيرفل وطني في ثوب العزة والمنعة والتمكين ، عندها فقط يمكنني أن اقول: أنا موريتاني وأفتخر...

الأربعاء، 14 مايو 2014

الدميقراطيات العرجاء.. حظ اميس كمبس

العنوان : الديمقراطيات العرجاء.. حظ (امَيسَِ كٍمبٍس)
الانتخابات ليست هدفا بحد ذاتها ، كما أنها ليست بالضرورة هي الأسلوب الذي يعبر عن وجود ديمقراطية حقيقية في بلد ما ، وإن كانت مظهرا من مظاهر تداول السلطة، ينعكس من خلالها التوجه العام لأغلب الشعب سواء كان على المستوى الإجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي، إلا أنه وبسبب الظروف المحيطة بالمجتمعات التي لازالت في طور تلمس طريقها الديمقراطي يغفر للديمقراطية  إن تعثرت وترنحت في خطاها ، فشكلت بذالك خطوطا عرجاء على هوامش أطرافها. تتجلى في انتخابات قد تكون نزيهة في صناديقها ولكنها زائفة في حقيقتها ، فيما يمكن أن نطلق عليه الديمقراطية العرجاء وذلك بسبب ظروف خارجة عن إرادتها تتمثل في اللاوعي الذي يكتنف من جعلت أمرها بيدهم وهم الناخبون. بحيث سيتم انتخاب الحاكم أيا كان حتى لو كان(امًيسً كِمبِِس)( لمن لا يعرف اميس كمبس هو مصطلح يطلق للدلالة على عدم أهمية من يكون)
هذه هي ديمقراطية أغلب الشعوب التي لم تسق من دمائها شلالات الحرية التي تدفقت في بلدان أخرى لتشكل أنهرا وبحارا في مجتمعات كانت أشد طغيانا وجبروتا من ما تعيشه شعوبنا نحن ، لتنبثق من تلك الأنهار والبحار مفاهيم جديدة غذتها تطلعات شعوب تواقة إلى الحرية ، نتجت عنها ديمقراطيات راسخة .
أما وأن الوضع هو هكذا، فإن على شعوب الديمقراطيات العرجاء أن ترضى بالقليل ، والذي لا اقل من أن يتمثل في اللحمة الوطنية والديمقراطية التشاركية والعدالة الإجتماعية،وإقامة بنى تحتية كفيلة بأن تسمح لأي استثمار في مستقبل الوطن أن ينجح ومن ضمن تلك الديمقراطيات ما يمكن أن نطلق عليه مجازا انتخابات شعب اللاوعي والتي يعيش المجتمع الموريتاني في هذه الأيام جزءا من أصدائها المتمثل في الانتخابات الرئاسية التي على الأبواب. والتي سيكون شوطها الأول في 21-6-2014م.
إن ما يجب على من سينجح في تلك الإنتخابات مهما يكون هو التركيز على النقاط الأربع التي ذكرتها سالفا وهي :
1-               اللحمة الوطنية
2-               الديمقراطية التشاركية
3-               العدالة الإجتماعية
4-               البنى التحتية
هذه العناوين طبعا هي عناوين كبيرة وتحتاج إلى بحث أطول وأعمق ولكن بما أن تناولها سيكون من خلال مقال فإنني سأحاول فقط وضع بعض نقاطها على الحروف.
أولا : اللحمة الوطنية :
اللحمة الوطنية تختلف عن الوحدة الوطنية ، لأنها اكثر تماسكا وإيمانا بالوطن، فالوحدة هي قشرة الوطنية كونها انعكاس لظاهر مجتمع ما، ولكن ليس بالضرورة هي الواقع الفعلي لذلك المجتمع ، بحيث أنه في أول اختبار لها يتبين زيفها ، أما اللحمة فهي لب الوطنية ، لأنها تنعكس على الفرد في جميع تفكيره وتصرفاته،مما يتولد عنه مجتمع حضاري صادق مع ذاته ، مخلص في أفعاله، مسؤول في أقواله.
 فمن يقول بأن هناك لحمة وطنية في البلد هو يكابر ، لأنه لا يمكن ان تكون هناك لحمة وطنية ينتج عنها تفاهم وثقة بين افراد شعب لايفهم بعضه الآخر ، فما كانت سببه الأجيال السابقة يجب أن لا يمتد إلى باقي الأجيال ، فطريقة التعليم التي كانت متبعة في الحقب السابقة ، بتنفيذ برنامج التعليم على المستويين العربي والفرنسي ، فرخت أجيالا متعاركة فيما بينها فكريا مما انعكس على الجانب الاجتماعي حيث كان التعليم العربي خاصا بالبيظان بينما التعليم الفرنسي خاصا بلكور ، مما تسبب في إرغام الطفل على اختيار أصدقائه من فئة معينة ، حتى اصبح تواجد أحد الطرفين بين أفراد الطرف الأخر مسبة وينظر إليه بعين الريبة.
ولكي يتم التغلب على هذه المعضلة فإن ذلك لن يتأتى إلا بجعل إحدى اللغات الوطنية او اللغة العربية أو الفرنسية هي اللغة الموحدة لكل فئات المجتمع من خلال التعليم أولا ، وثانيا من خلال لغة العمل. حيث أن بقاء الحال على ما عليه والمتمثل في تشبث كل طرف بالتعلم بلغة معينة ، ولاحقا اعتماده نفس اللغة للتحدث، إما مجبرا بسبب جهله باللغة الأخرى أو تعصبا لها، هو الخطر الداهم الذي يهدد اللحمة الوطنية ، لأن دور الدولة هو تبني كل ما من شأنه أن يؤدي إلى المصلحة العامة حتى ولو كان بقوة الإجبار ، خاصة أن موريتانيا على غير ما هو حاصل في الدول المجاورة سواء العربية منها أو الإفريقية هي الوحيدة التي تعتمد لغتين في المراسلات الرسمية ، وفي جميع الدوائر الحكومية ، رغم أن الدول الأخرى لديها من الأعراق ما هو أكثر اختلافا من ما هو موجود في موريتانيا. وحتى لايظل الأمر على ماهو عليه بادعاء كل طرف بأنه الأحق في تبني لهجته أو لغة تعليمه ، فإن الدستور الذي صوت عليه غالبية الموريتانيين كان صريحا في تحديد اللغة التي يجب أن تكون اللغة الرسمية للبلد ، إلا أن اعتماد تلك اللغة يجب أن يصاحبه اهتمام فعلي باللهجات المحلية الأخرى من خلال توجه إعلامي جاد يتمخض عنه افتتاح تلفزيونات تتحدث بتلك اللهجات وتبث على مدار الساعة، لتوصل إلى المواطن الموريتاني الذي يتحدث تلك اللهجات كل ما هو متعلق بوطنه سواء كان سياسيا أو اجتماعيا او اقتصاديا ، من أجل القضاء على ظاهرة اعتماد تلك القوميات على التلفزيونات المجاورة والتي بطبيعة الحال لن تتحدث إلا بما يتعلق بموروثها الخاص بها.
ثانيا : الديمقراطية التشاركية :
 إن مشكلة التجاذبات السياسية في البلد ستظل قائمة ما دام لم يفطن سياسيو هذا البلد إلى مسألة مهمة وهي أنه لايمكن تنفيذ ديمقراطية حقيقية في الديمقراطيات العرجاء والتي من  ضمنها نحن ، إلا من خلال تدرج يبدأ بديمقراطية تشاركية يتم الوصول إليها من خلال تمييز إيجابي على أساس سياسي يسمح فيه للأحزاب المعارضة بالتنافس على نصف مقاعد البرلمان - كما حدث من تمييز يراه البعض بأنه إيجابي للنساء في الإنتخابات الأخيرة ،والذي بالمناسبة أنا ضده ، لأنه ينتهك حق المواطن في اختيار جنس من يمثله ، خاصة انه لم يكن من داع لذلك كأن يكون مثلا لايوجد رجال أكفاء لشغل تلك المناصب، وإنما كان الافضل أن يتم ترشيحهن على اساس الكفاءة ويترك للمواطن حق الاختيار بينهن وسواهن من الرجال- وهذا التمييز الإيجابي الحزبي هو ما سيضمن معارضة حقيقية تكون مراقبا قويا على تصرفات الحكومة ، وحتى تكون الدولة قوية بمن فاز ومن خسر، خاصة وأن هناك رغبة من المعارضة الحالية في مشاركة النظام الحاكم من خلال حكومة توافقية ، وإن كان قد استوقفني أن من يقود هذا التوجه هو نفسه  الذي كان رئيس وزراء في زمن سيدي الاستاذ يحي ولد الواقف وكان يرفض هذه الحكومة التشاركية ، وإن كنت أؤيده على ذلك الرفض كما أؤيد الحكومة الحالية أو المستقبلية ، لأنه في النهاية من سيكون مسؤولا عن أي إخفاقات هو الرئيس وبالتالي فليس من المعقول أن يضع برنامجه التنموي رهينة بيد معارضيه ، فإذا نجحت كان النجاح للمعارضة مما سينعكس إيجابا على حظوظها الإنتخابية في المستقبل ، وإذا فشلت حمل الرئيس أوزار ذلك الفشل.
 ثالثا : العدالة الإجتماعية :
لاشك أن هناك بعض فئات المجتمع عانت بعض المظالم في الحقب الماضية ، لكن يجب أن لايتم تحميل بعض فئات المجتمع تلك الأخطاء ، وإنما يجب المضي قدما وتجاوز الماضي بكل سلبياته والبحث في المستقبل عن ما يشكل حجر عثرة في طريق عودة ذلك النوع من الممارسات ، خاصة أن القوانين قد كفلت ذلك ، وبالتالي فإن ما يجب على الرئيس القادم هو عدم الوقوف كثيرا عند المطالبات الفئوية لأنها لن تنتهي ابدا ، وعليه أن يركز كل اهتمامه على المجتمع بشكل عام فيوفر له لقمة عيش كريمة ، وإن كنا نعترف للحكومة الحالية بالفضل في استطاعتها توفير وظائف كثيرة خلال فترة قصيرة ، إلا أنه لازال ينقص الكثير، فما زال العاطلون عن العمل كثيرون ، ومن بينهم حملة الشهادات ، والذين أطالب باعتماد راتب لكل خريج منهم حاليا أو في المستقبل ، كأن يستمر مثلا في استلام مبلغ المنحة الدراسية الذي كان يستلمه أثناء دراسته الجامعية ، ولو من شباك آخر كصندوق الضمان الإجتماعي مثلا، لحين تسلمه لوظيفة تغنيه عنه ، حيث أن هذا الأسلوب زيادة على كونه سيكون عاملا مهما في الحث على الاستمرار في الدارسة فإنه سوف يكون أيضا متنفسا لذلك الشخص في مرحلة عمرية هو بأشد الحاجة إلى ما يعينه عليها.
رابعا : البنى التحتية :
لا يمكن لأي نهضة أن تقوم دون بنى تحتية حقيقية ، وبالتالي فتلك البنى هي اهم حتى من توفير لقمة العيش ، فالرزق مضمون، كما أن كل الدول التي شهدت ثورات نهضوية أول ما بدأت به هو توفير بنى تحتية ملائمة للإستثمار ، كما أن هذه البنى التحتية هي ما سيبقى للأجيال المستقبلية ، وهي ما تعبر حقيقة عن الإنجازات التي سيتركها هذا النظام أوذاك ، ولذلك فإن مهندس نهضة ماليزيا الحديثة السيد مهاتير محمد ، لازال ولحد الساعة رغم اعتزاله المعترك السياسي يحظى باحترام كل الشعب الماليزي لأنهم يرون بأنه خلال فترة قصيرة استطاع أن يقفز بالبلد إلى مصاف الدول المتطورة ، مما دفع بالدول الصناعية إلى إطلاق إسم النمور الآسيوية على ماليزيا وبقية الدول الآسيوية الأخرى التي شهدت ثورات تنموية في زمن قياسي.

الخميس، 24 أبريل 2014

أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر السياسة

العنوان : أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر السياسة
إن أممية التنظيمات الدينية قد لاتكون عائقا لدى بعض الوطنيين في قبول التعامل مع تلك التنظيمات حتى وإن كانوا يدركون بأن الأخ التنظيمي لأولئك هو أقرب وأعز من الأخ الوطني ، لأن هذه النزعة الدينية تقابلها النزعة القومية في الأحزاب اليسارية، إلا أن ما تختلف فيه تلك التنظيمات الدينية هو انصهارها في بوتقة تفكير الشخص الواحد، وتقديس أوامره ونواهيه بغض النظر فيما إن كانت تلك المواقف قد تتعارض مع توجهات بقية النخب الأخرى في الوطن وتطلعات الجزء الآخر من الشعب الذي لا يدين بالولاء لذلك التنظيم. ومن هنا جاءت فكرة الدكتاتورية الدينية (الدولة=التنظيم) بحيث لم يعد هناك فرق بين أسس هذه الثنائية الدكتاتورية التي تغلف نظام الحكم في هذه الأحزاب مع تمأسس الثنائية الشهيرة في الدكتاتوريات الحزبية (الحزب=الدولة)
لقد فهمت التنظيمات الإسلامية باكرا ان أقرب الطرق التي توصل إلى العاطفة الإنسانية هي توفير سبل العيش الكريم للبطن الجائع ، وهذا مبدأ قرآني،وهو عمل خيٍِر يذكر لهم ويشكرون عليه ، لكن المشكلة تقع عند ما يحاولون استغلال ذلك المعروف في السيطرة على بقية أجزاء المجتمع الأخرى التي لا ترى لهم تلك الأفضلية ، فينقلبون من عمل الخير لوجه الله إلى مخالطة الغير فيه .
ولنأخذ حزب تواصل في موريتانيا نموذجا ، حيث أن هذا الحزب سار على منوال سابقيه بانتهاجه للعمل الخيري كمطية للوصول إلى السلطة وذلك بافتتاحه لبعض المشاريع الخيرية في عدة أماكن من الوطن وإن كان تركيزه منصبا على أما كن محددة من الوطن ، مستغلا بعض المآخذ السياسية لدى ساكنة تلك المناطق على التوجه الذي سلكته بعض الأنظمة التي حكمت البلد سابقا ، ولم تكن جمعية المستقبل إلا أداة من تلك الأدوات . والدولة لم تكتشف نوايا تلك المؤسسات الخيرية عند إغلاقها ، وإنما لم يكن خافيا عليها الدور الذي تريد ان تلعبه في المستقبل إلا أنها كانت تخشى أن توصم من أغلبية الشعب الموريتاني بأنها مناع للخير، لكن وكعادة الإسلاميين في استعجالهم لحصاد النتائج قبل نضوجها وفرت للدولة فرصة للإنقضاض على تلك المؤسسات بحجة خروجها عن ما تنص عليه اتفاقية تأسيسها.
ولأن العمل الخيري لهؤلاء ينقلب من كونه يقصد به الجزاء الأخروي إلى مخالطته بالبحث عن المصلحة الدنيوية والتي كلما اشتد عود هذا التنظيم الديني أو ذاك ، أصبحت الأولوية للأخير وتغلبت المصلحة الدنيوية على المصلحة الأخروية ، فإنك تجد أشد ما يزعج هؤلاء هو محاولة طرف آخر خارج عن منظومتهم الحزبية أو المحسوبة عليه، انتهاج نفس الأسلوب في محاولة غزو الشارع وترك بصمة له في المجال الخيري أو الدعوي، ومنازعتهم في لقمة عيشهم كما يقال، فما بالك إذا كان ذلك الطرف هو الدولة ، مع فارق القوة والتجهيزات حيث بإمكانها وخلال ساعات تقديم ما قدمه ذلك الحزب ومن يدعمه خلال سنوات. وهذا ما كان يزعج تواصل في توجه رئيس الجمهورية من خلال أمره بطباعة المصحف الشريف وبناء جامع كبير ، وتقريب العلماء الغير منضوين تحت راية الحزب ، والجميع يتذكر هجوم نائب رئيس حزب تواصل محمد غلام على العلماء الذين ترشحوا في حزب الفضيلة للنيابيات ، او الذين أعلنوا دعمهم للنظام الحاكم في تلك الإنتخابات . إلا أن ما افاض كأس تواصل من التوجه الديني للنظام هو افتتاحه لقناة المحظرة ، حيث أن من يوصفون بالإسلاميين يعرفون قيمة الإعلام المرئي وأهميته في ترسيم توجهات الرأي العام ،والذي كان يظن بأنه قد حاز السبق فيه بل واحتكاره من خلال قناة المرابطون ، فبمجرد افتتاح تلك القنوات جن جنون أولئك وخرجوا في مظاهرات فوضوية في نفس اليوم الذي تم افتتاح فيه المحظرة من قبل السيد الرئيس، في محاولة يائسة منهم للتغطية على الإنجاز التاريخي الذي تحقق لأول مرة من خلال نظام سياسي حاكم للبلد ، إلا أن ما لم يتوقعه أولئك في ثورة طيشهم تلك هو أن السحر قد ينقلب على صاحبه.
وهذا الصدام بين الأحزاب الدينية هو نفسه الذي شهدته تركيا بين فتح الله غولدن وحزب العدالة والتنمية التركي في الأشهر الماضية إلا أن الفارق في هذه المسألة هوأن الحزب الديني هو الدولة، فعندما نجح فتح الله غولدن في تأسيس إمبراطوريته التعليمية والتي انتقلت مع الوقت إلى مجالات أخرى كان شعاره الذي استطاع من خلاله الإبقاء على هذه الإمبراطورية سواء أثناء الحكم العسكري أو بداية الحكم الديني لتركيا، وتمدد تلك الإمبراطوية لتشمل أغلب أصقاع المعمورة بما فيها موريتانيا ممثلة في المدرسة التركية كان شعاره هو ( أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر السياسة) وعندما حاد عن هذا الشعار وحاول أن يستثمر توغل خريجي مدارسه في شتى المجالات الوظيفية في تركيا ، بدأ الصدام مع مؤسسة الدولة ، وبدأت بعد الإنتخابات الاخيرة في محاولة تفكيك تلك الإمبراطوية وتفريغها من قوتها الإقتصادية التي تؤثر بها على الرأي العام ، والسبب لأن ذلك العمل الخيري والدعوي لم يعد يعمل في إطار التوجه السياسي لحزب العدالة والتنمية.


الدكتور : ول بتار0الشيخ محمد المختار الطلبه
www.welbottar@gmail.com

السبت، 1 مارس 2014

منتدى المعارضة .. الانتهازية... والمراهنة في الوقت الضائع

العنوان : منتدى المعارضة .. الانتهازية... والمراهنة في الوقت الضائع
عندما حدث تغيير النظام الحاكم في موريتانيا بالقوة ، بقيادة الجنرالات، بإلإطاحة بأول رئيس منتخب ، كان كل العالم يعرف ماحدث وقتها بأنه انقلاب عسكري على سلطة ديمقراطية منتخبة ، لكن أقطاب المعارضة آنذاك رأت فيه فرصة للانتهازية السياسية ، يمكن من خلالها الوصول إلى سدة الحكم ، ومع مضي الأيام تبين للمعارضة بأن ما سيحدث مخالف لما توقعوه ، مما تسبب في بداية القطيعة بين رجال الحكم الجديد وسدنته الذين قدموا كل ما يمكن لتسويقه في العالم الخارجي ، وبدأت الساحة السياسية تعرف ما سمي بمنسقية المعارضة ، فكانت الإرهاصات الاولى لهذا المولود الجديد تنبئ  أنه مشوه خلقيا ، بسبب ما يضمه من تناقضات ، ولذلك فبمجرد استتباب الأمن للحكم الجديد بعد الانتخابات الرئاسية ، التي جاءت بالرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز ، بدأت بوادر التشظي ترتسم على محيا وجه المنسقية  ، تغذيها المصالح الضيقة وظل التأكل مستمرأ إلى أن حدث التآكل الأكبر والذي تمثل في خروج حزب تواصل عن إجماع المنسقية بمشاركته في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة ،ليشكل بذلك ثاني خيانة في الجسم المعارض في موريتانيا بعد خيانة أحد رموز المعارضة في زمن معاوية وأيام المجلس العسكري برئاسة اعل ، السيد مسعود ولد بلخير ، حيث أنه بمجرد أن تم وعده برئاسة البرلمان تخلى عن رفاقه الذين شاركوه السجن والحرمان ، وصوت للرئيس السابق سيدي ولد عبد الله ، رغم أن حزب تواصل هو من استدرج بقية أحزاب المنسقية إلى حرق أهم أوراقها ،بتبني طلب الرحيل للسلطة الحاكمة ، في وقت مبكر جدا ، مما نتج عنه انسداد الأفق  في المشهد السياسي ، وإغلاق كل فرص الحوار بين المنسقية والسلطة الحاكمة ، نظرا لأن الأرضية التي كان يمكن أن تجمع بين الإثنين ، وهي الحوار للوصول إلى الحلول الوسط ، تطبيقا للمبدإ القائل بأن السياسة هي فن الممكن ، جعلها هذا الطلب مستحيلا عند أحد أطراف الأزمة . وأنا هنا لا ألوم بقية أحزاب المنسقية أو أتهمها بالغباء السياسي لانها سايرت حزب تواصل في مسعاه اللفظي والوهمي ، نظرا لما يشكله ذلك الحزب من قوة انتخابية معتبرة ، إلى جانب حزب التكتل ، ولكنني أرجوا أن لا تقبل أن تكون مطية للانتهازية السياسية لذلك الحزب ، تحت مسمى التشاور من اجل موقف موحد من الإنتخابات الرئاسية، فالحزب بدرك بأن الكثير من رصيده الشعبي الغير منتسب له ، خسره لسببين أولهما هو خيانته لتوجهه الإيديولوجي ، وثانيهما تخليه عن رفاقه وقت الضيق ، وبالتالي فهو يحاول بكل ما أمكن أن يسترد تلك الشعبية ، فعلى المعارضة أن لا تمنحه تلك الفرصة ، خاصة أن الرهان على انتخابات رئاسية نزيهة بمنطق المعارضة هو رهان في الوقت الضائع ، فإذا كانت الإنتخابات البرلمانية لم تكن على رأي المعارضة بتلك الشفافية ، بغض النظر عن صدق دعواهم أو عدمه ، ولم يكن الرئيس شخصيا أحد أقطابها ، فهل من المعقول أن تطلب تلك الشفافية في انتخابات يخوضها الرئيس بشخصه ، كما أنه إذا كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز ، قد استطاع أن يأتي يالسيد سيدي ولد عبد الله رئيسا للجمهورية رغم جهل غالبية الشعب الموريتاني به ، فهل من المعقول أن يفشل في إقناع الفاعلين في المجتمع الموريتاني في انتخابه هو نفسه . خاصة في ظل معارضة أصبحت تسمية بعض أحزابها وأفرادها بهذا الإسم هو من باب اللعب بالألفاظ ، ، فكيف يمكن للسيد محمد خونا ولد هيداله أن يوصف بأنه أحد رموز المعارضة وهو الذي يقول : بأن الرئيس ولد عبد العزيز حقق الكثير لموريتانيا، ومناهضة حكمه غير منطقية، وان هناك حيوية في العمل ومساحة كافية من الحرية وورش العمل منتشرة في كل مكان ـ. وحتى انه استكثر على المعارضة مجرد التفكير في حكومة توافقية .) وهذه الإنتهازية تنطبق على أغلب تلك الأحزاب المعارضة ، اللهم إلا من رحم ربي ، قد يقول البعض بأن تعدد الآراء في المنتدى يؤكد على ديمقراطيتها ، وهذا الكلام قد يكون صائبا ، لو أن المنتدى لم يحمل إسم منتدى المعارضة ، وإنما حمل إسم منتدى الحوار ، أما وأنه قد حمل هذا الإسم فمن المفترض أن يكون كل ما يقال في هذا المنتدى هو تحت عنوانه ، وعليه فإن ما على المعارضة الحقيقية ، والتي لاتتبدل وفق الطيف السياسي الحاكم ، هو العودة إلى الماضي من خلال دراسة متأنية لتجارب سابقة في دول يشبه واقعها السياسي واقع الوطن ، وعدم الاستعجال في حصد النتائج ، وأن تكون التجارب في الداخل والخارج علمتهم أنه لايكفي لإرساء الديمقراطية في بلد ما أن تتم انتخابات نزيهة ، وإنما لايد أن يكون ذلك المكسب محصنا بشيء من الحنكة السياسية ، والإنفتاح على الآخر . وعلى الجميع أن يتصف بما قاله الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله  بأن أصداء ما يجري في الوطن العربي تدعوا الجميع للتأمل في وضع البلاد واستشراف مستقبلها .) كما على الجميع أن يبتعد عن تبني شعار الشارع هو الحل لأنه شعار فيه الكثير من الخطورة على الوطن ، خاصة في ظل مجتمع لايزال وعيه الثوري متشبعا بإرهاصات الماضي التظاهري ، والذي يعني عنده ان التظاهر يساوي الفوضى وتكسير المرافق العمومية والخصوصية.


الدكتور : ول بتار0الشيخ محمد المختار الطلبه

www.welbottar@gmail.com

الاثنين، 17 فبراير 2014

ماهكذا يكون الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم

 ماهكذا يكون الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم
إن ما دفعني للخوض في هذا الموضوع هو للتذكير فقط ، لمن قد يكون فاته الأمر ، لأنني لم أكن أود أن أخط حرفا واحدا في النقاش الدائر بين النخبة وبين العامة في الأسباب التي دفعت بمحروم ما في التطاول على مقام النبوة ، لأنني كنت أرى وما زلت بأن المتحدث عن هذا الموضوع قد لايقل جرما عن هذا الشخص ، لأنه يساعده من حيث يدري أولا يدري في الوصول إلى ما أراد الوصول إليه  وهو الشهرة ، وهذه المسؤولية المشتركة، تذكرني بقصة كنت قد قرأتها في الماضي ، و تم تحويلها إلى فيلم سينمائي لاحقا ، تتحدث هذه القصة عن مختطف لأطفال ، هذا الخاطف كل ما يقوم به بعد خطف الطفل هو ربطه بحبل يضيق حول عنقه من خلال عداد رقمي تنازلي يبدأ من مليون ، ثم يقوم الخاطف بنشر الرابط على صفحته الشخصية بأحد مواقع التواصل الإجتماعي ، مصحوبا بصورة ثابتة للطفل المختطف ، مع تحذير من الخاطف يقول : هذا الفيديو مباشر لعملية الخطف ، إلا أنه بمجرد ضغطك عليه لمشاهدته ، ستعجل من موت الطفل. لأنه سينقص العدد التنازلي ، وخلال دقائق معدودة يتجاوز العدد مليون مشاهد ، ويلفظ الطفل أنفاسه مباشرة وعلى الهواء . ثم يعاود الخاطف الكرة مرة أخرى مع طفل آخر ، وهكذا... وعند القبض على ذلك الخاطف ، كانت حجة الدفاع التي حاج بها المحكمة ، تتمثل في أن موكله برئ من هذه الجريمة ، وأن القاتل الحقيقي ، هو كل من شاهد ذلك الفيديو ، فأجابه القاضي في حيثيات الحكم إلى ذلك بعد تجريمه للخاطف ، بحجة أن أولئك كانوا سببا في جرائم الخطف الأخرى  من خلال تشجيعهم الخاطف على مواصلة ارتكاب جرائمه اللاحقة.
وما يؤكد على ماذهبت إليه هو تجرئ شخص آخر بالاعتداء على الشيخ محمد الحسن ولد الددو ،وتهافت بعض الأشخاص والمواقع على نشر صور وصفها بعضهم بالحصرية ، وأخشى ما أخشاه أن نشهد حالات إلحادية أخرى لموريتانيين ، ولكن هذه المرة من خارج الوطن ، واعتداءات بالقول أو الفعل على هامات علمية أخرى داخل الوطن.
وهذا لايعني توقف الندوات والمهرجانات والمسيرات لنصرته صلى الله عليه وسلم ، بل يجب أن تستمر على مدار الساعة ، دون الحاجة إلى أسباب وضيعة للإعلان عنها ، أوأن تكون مرتبطة بقضية ما تتعلق بالمساس بشخصه صلى الله عليه وسلم .
كما يجب التفريق بين الدعاية التي صاحبت ، ويجب أن تصاحب الرسوم والأفلام والمقالات المسيئة ضده صلى الله عليه وسلم إن كانت صادرة في الدول الغير إسلامية ، وبين تلك التي تصدر في الدول الإسلامية ، لأن الدول الغير إسلاميه  بحكوماتها هي تقر ذلك ، وإن كان بحجة حرية الرأي ، ومن هنا كان الأفضل للشعوب الإسلامية أن تعلم عن ذلك حتى تقاطع منتوجات تلك الدول ، مما يتسبب في ضرر اقتصادي لتلك الدول ، قد يدفعها إلى مراجعة موقفها ذلك وعدم السماح بتلك الإنتهاكات في المستقبل ، وهذا ما تمت تجربته في عدة مواقف أخرى ونجح ، أما إذا كان الأمر متعلقا بدولة إسلامية، فإن الإعلان عن الأمر وتغطيته إعلاميا وشعبيا ، لن يصب إلا في المصلحة الآنية للمسيء نفسه ، كما ذكرت في البداية وهي المصلحة التي بحث عنها من خلال ما أعلنه وهي الشهرة .
الدكتور : ول بتار0الشيخ محمد المختار الطلبه
www.welbottar@gmail.com

الخميس، 9 يناير 2014

دمقرطة العسكر
يعرف القانونيون الحق بأنه الرابطة القانونية التي بمقتضاها يخول لشخص على سبيل الانفراد والاستئثار التسلط على شيء او اقتضاء أداء معين من آخر ، ويقسمون الحقوق إلى سياسية ومدنية، والحقوق المدنية إما عامة وهي الحقوق اللازمة للفرد كحماية شخصه وكفالة حريته ، وإما خاصة وهي حقوق الاسرة والحقوق المالية ، أما الحقوق العامة فهي موضوع القانون العام ، ومن امثلتها الحريات أو الرخص العامة كحرية التنقل وحرية الاجتماع وحرية الرأي وحرية العقيدة وحرية المسكن ، وهذه كلها مصالح فردية تدخل في معنى المصطلح العام المعروف بالحريات الفردية.
والمصالح المعتبرة في القانون هي حفظ النفس وحفظ المال وحفظ العقل وحفظ النسل ، وهي تتفق مع ما يحث عليه الفقه الإسلامي من ضرورة حفظ لهذه الحقوق ، إلا أن الفقه الإسلامي يزيد على القانون باعتباره حفظ الدين من المصالح العامة ، وبالتالي فإن تعريف الحق في الشريعة الإسلامية هو مصلحة يحميها الشرع ، بينما في القانون ، الحق هو مصلحة يحميها القانون، وما يجمع الإثنين وهو أنهما اتفقا على حفظ وصيانة تلك المصالح التي تترجم في القانون والشريعة إلى حريات ، ومن هنا وجدت طريقها للقبول من قبل العالمين الوضعي والشرعي، فنصت عليها كل المواثيق والإعلانات الدولية ومن أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نص على أن الحريات الفردية مكفولة لكل شخص بغض النظر عن جنسه أو لونه أو عرقه.. أو أي شيء آخر ، كما نصت كل الدساتير الوطنية والتي هي أب القوانين على حماية تلك الحريات ، بمافيها الدستور الموريتاني ، ومع كل ذلك فإنه ظلت تلك الحريات منتهكة على مستوى العالم كله بما فيه الدول التي تعد هي عرافة تلك الحريات ، وإن كانت في هذه الأخيرة على مستوى أقل  من ما هو معروف في بعض دول العالم الثالث ، وستظل هذه الحريات عرضة للإنتهاك إلى أن يعرف ذلك الجزء المظلم من العالم ما يسمى بدمقرطة العسكر.
قد يقول قائل بأن هذا مناف للمنطق لأن العسكرية إنما تقوم على مبدإ واحد وهو نفذ ثم راجع ، حتى إذا لم يعجبك القرار الصادر إليك ، وهذا هو قمة الدكتاتورية وإن كانت مغلفة بحق حفظ المصلحة العامة  بينما الديمقراطية نقيض ذلك ، وإن كان كلاهما يبحث عن حفظ المصلحة العامة ، وهذه الجدلية ليست هي الموضوع الذي أريد ان أناقشه في هذا المقال الموجز ، لأن ما أقصده هنا ليست الديمقراطية كممارسة ، وإنما الذي أعنيه هو الديمقراطية كتعلم وتعليم ، بحيث توضع ضمن مناهج التعليم في المدارس والكليات العسكرية ، خاصة لمن هم يعتبرون النخبة العسكرية واتلي تطلق في المصطلح العسكري على رتبة ضابط فما فوق ، إذا لم يكن بالإمكان أن تعم كل العاملين بالسلك العسكري ، فيدون ثقافة ديمقراطية في السلك العسكري تكون قائمة على أسس تعليمية جيدة تدوم سنوات عديدة ، لايمكن للديمقراطية كممارسة أن ترى النور في أي مجتمع ، حتى ولو كان العسكر هو من سمح بظهور تلك الديمقراطة ،اللهم إلا إذا كانت بطريقة البرق ، تظهر ثم تختفي بسرعة ، كما حدثت في مجموعة من الدول بما فيها موريتانيا . لأن المشكلة هو انعدام تلك الثقافة الديمقراطية في الأفراد العسكريين بشكل واسع ومتسع ، وكلنا رأينا النموذج الموريتاني والمالي ، فرغم ان كبار الضباط في مالي كانوا يؤمنون بالديمقراطية فإن الإنقلاب حدث من قبل ضباط اعلاهم رتبة هو نقيب .
فيجب أن يكون كل خريج عسكري متشبع عند تخرجه من ثقافة الديمقراطية فيعرف الإيجابيات التي ستترتب عنها عند ممارستها في المجتمع الذي هو جزء منه ، مما سينعكس إيجابا على مستقبل أبنائه في جو تملاه الحرية والمساواة ، وما ينجم عنهما من تطور وازدهار ، كما أنه سيكون يعلم البديل عن تلك الديمقراطية ، ليس فقط الآثار السلبية التي تترتب عن حكم الفرد على مجتمعه ومستقبل أبنائه ، أيا كان ذلك الفرد ،فأفضل الخلائق صلى الله عليه وسلم ، استشار أصحابه ، وأمره ربه بذلك ، قال تعالى :( وشاوهم في الأمر ) وإنما سيكون أيضا ملما بما ستؤول إليه حياته في المستقبل ، إن عاجلا أو آجلا إذا زار أي دولة ، بسبب الطفرة التي حدثت في القوانين الدولية ، حيث أصبح منذ عام 2000، يحق للدول أن تمارس اختصاصها القضائي وفق القانون الدولي ضد كل الأشخاص المشتبه فيهم بارتكاب جرائم خطيرة والموجودين على ترابها بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة اوجنسية الجاني او المجني عليهم وهذا الأمر هو ما أصبح يعرف بمبدا الاختصاص القضائي العالمي ، واهميته تكمن في أنه سيحد من الانتهاكات الحقوقية نظرا إلى تضييق الخناق على من يرتكب تلك الإنتهاكات بحيث اصبح بوسع كل دولة أن تحاكم أي متهم بتلك الإنتهاكات سواء كان ماارتكبه من جرائم وقع في نفس الدولة أو في أي دولة اخرى ، وسواء كان من تضرر من تلك الإنتهاكات تعود جنسيته لنفس الدولة أو أي دولة اخرى ، ومن الأمثلة على تطبيق ذلك الاختصاص القضائي ، رفع قضية ضد رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون من قبل بعض الفلسطينيين في لندن ، وضد حسين حبري في تشاد .

وإلى ان يتم اعتماد تدريس الديقراطية كثقافة في المناهج العسكرية أرجوا أن يكون هذا المقال مدخلا لأولئك العسكريين لعلهم يدركون المخاطر المحدقة بأوطانهم بسبب انقلاباتهم ، وعلى شخصهم بسبب أفعالهم التي تنتهك الحقوق والحريات لافراد مجتمعاتهم .