الثلاثاء، 10 مارس 2015

عيد المرأة .... شن ... طن

عيد المرأة ... شن .. طن..
من حيث المبدأ أبارك لكل امرأة بمناسبة عيدها الوطني، مادامت هي قد رضيت بأن تعتبره عيدا لها ، بغض النظر عن الاختلاف في الدوافع والأسباب التي أدت إلى اعتماد هذا اليوم كعيد للمرأة وماهي النتائج المتوخاة من اعتبار عيد للمرأة، وماهي الأهداف التي يريد العالم أن يصل إليها. وإن كان هذا العيد لازال يذكرني بأيام الدراسة خاصة في المراحل الأولى حيث كان يسبب امتعاضا وغيرة لدينا نحن الذكور بسبب إجبارنا على الدراسة فيه بينما يكن قريناتنا في إجازة بذلك اليوم.
إن مايريده العالم من هذا العيد وبشكل مختصر هو المساواة بين الرجل والمرأة، وهو مطلب غير متصور من الناحية الشرعية ، ولاتطالب الشريعة الإسلامية به، وإنما أكدت على حقوق وواجبات على المرأة والرجل سواء، من أجل تنشئة أسرية سليمة، تنعكس إيجابا على المجتمع المسلم بشكل عام.
هذا المجتمع الذي كان عليه أن يقوم بعدة خطوات خاصة في ظل التقدم الحاصل على جميع المستويات والإغراءات المادية والعصرية للأجيال الجديدة.
ومن أهم تلك الخطوات هي ما يساعد على قيام أسرة من حيث المبدأ وهي ظاهرة غلاء المهور، فقد كان على الدولة القيام بتحديد سقف للمهور، للحيلولة دون المغالاة فيها ، واضطرار بعض الفتيات إلى المطالبة بأعلاها ، وربما ليس بسبب رغبتهن في ذلك ، وإنما لأن المجتمع يطلب منهن ذلك حتى لا يقال فلانة أفضل من فلانة لانها أغلى مهرا ، وقد عد بعض العلماء المعاصرين المغالاة في المهور اخلالا بالشروط الشرعية لما  يترتب عنها بالنسبة للمرأة  من تأخر في الزواج مما يسفر عنه فوات تحصيل النسل ، وتحصين الفرج ، كما أن الرجل قد يضطر إلى البحث عن زوجة من بئة مختلفة ، مما فد ينتج عنه لاقدر الله مفاسد دينية ودنيوية .في حين كان الأولى أن يكون معيار اختيار الزوج هو دينه وخلقه وليس جيبه ومظهره.
وتعد مسؤولية الأباء والأمهات في التزام الزوجين بالشروط الشرعية للزواج عند ما يحين وقته مسؤولية كبيرة ، فتربيتهم لهما هي ما سيملي عليهما موقفها من تلك الشروط لأن الأبناء أمانة عند أولئك الأهل ، ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تضييع الأمانة التي وكلها الله للآباء فقال: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة(أخرجه مسلم في صحيحه ج 3 ص 1460  من حديث معقل بن سيار).
كما يجب على المرأة أن تحافظ على عرضها، وأن تصونه عن الشبهات، قال تعالى: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه)ُ سورة النساء ، الآية  34
 وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن المرأة في بيت زوجها راعية ، وهي مسئولة عن رعيتها) أخرجه البخاري .فتح الباري ج 5 ص 69  ، ومسلم  ج 3 ص 1459 (، والرعاية هنا تعني حفظ البيت وما فيه والاهتمام به .
وأن تحفظ مال زوجها فلاتبدده، ولاتنفقه في غير مصارفه الشرعية، فحسن التدبير نصف المعيشة، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب(أخرجه البخاري ، فتح الباري ج 3 ص 303 ومسلم واللفظ له ج 2 ص 710)
وأن لاتجحد فضله عليها فتكفره عشرته ، والعشرة في اللغة : اسم من المعاشرة والتعاشر ، وهي المخالطة . والعشير : القريب ، والصديق ، وعشير المرأة : زوجها ؛ لأنه يعاشرها وتعاشره (لسان العرب ، والمصباح المنير ، مادة عشرة )، والعشرة اصطلاحا : هي ما يكون بين الزوجين من الألفة والانضمام.،فقد جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطب النساء قائلا : إني أريتكن أكثر أهل النار ، فقيل : لم يا رسول الله ؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير(أخرجه البخاري .فتح الباري ج 1 ص 405  ، ومسلم  ج 11 ص 86 – 87)
وعلى الزوجة إكرام أهل زوجها وأقاربه و خصوصا والديه، لأن إكرامهما إكراما للزوج ، ويبعث المودة بينها وبين الأهل مما سيترتب عنه رضاهم عليها ، لأنه غالبا ما يكون رضا الزوج من رضا الأهل وقصة سيدنا ابراهيم عليه السلام مع زوجة ابنه اسماعيل معروفة ، عندما جاءها ونكرت الحال واشتكت فترك وصية عندها لابنه يطلبه فيها بتغيير عتبة بابه ، فطلقها إسماعيل.
ومما يجب على المراة التزين لزوجها: لأنه قد يترتب على عدم تلك الزينة مخالفة شرع الله بارتكاب المعاصي وذلك ببحث الرجل عن أخرى ، وأن تبدو له في كل يوم كأنها عروس في ليلة زفافها، لأنه إذا ما نظر الرجل إلى إمرأته فأسرته فإنه غالبا سيلتزم بها دون البحث عن مايشبع رغبته التي افتقدها مع زوجته في حال عدم اهتمامها بزينتها، ولمساعدة المرأة على الالتزام بتلك الزينة فقد ورد عن جابررضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يطرق الرجل أهله ليلا(أخرجه مسلم في صحيحه ج 6 ص 156). وما أبدع تلك الصورة التي تحكيها إحدى الزوجات، فتقول: إن زوجي رجل يحتطب فيقطع الأخشاب، ويجمعها من الجبل، ثم ينزل إلى السوق فيبيعها، ويشترى ما يحتاجه بيتنا، فأحس بالعناء الذي لقيه في سبيل رزقنا، وأحس بحرارة عطشه في الجبل تكاد تحرق حلقي، فأعد له الماء البارد، حتى إذا قدم وجده، وقد نسقت متاعي، وأعددت له طعامه، ثم وقفت أنتظره في أحسن ثيابي، فإذا ولج الباب، استقبلته كما تستقبل العروس العريس الذي عشقته، فسلمت نفسي إليه، فإن أراد الراحة أعنته عليها، وإن أرادني كنت بين ذراعيه كالطفلة الصغيرة يتلهى بها أبوها.
فهكذا ينبغي أن تكون كل زوجة مع زوجها. فعلى المرأة أن تعرف الزينة التي يحبها زوجها، فتتحلى بها، وتجيد فيها، وعليها أن تعرف ما لا يحبه فتتركه إرضاء وإسعادا له، وتتحسس كل ما يسره في هذا الجانب.ويجب على المرأة أن تستأذن زوجها في أمور كثيرة منها صيام التطوع، حيث يحرم عليها أن تصوم بغير إذنه، قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه[1] ولا ان تسمح بدخول أحد إلى بيت زوجها إلا بإذنه .
وماذكرته هنا ليس سوى جزء بسيط مما على المرأة أن تقوم به، بدلا من شن .. طن.. التي يريد لها العالم أن تعيش بها، بحيث تتجاوز من حيث لاتدري المحظور والمسموح ،عرفا وشرعا ، وهناك ما يقابل هذا وأكثر عند الرجل.
وحتى لايخلوا المقال من نكهة سياسية، فإنني أتمنى على الدولة إلغاء مايسمى بالتمييز الإيجابي للمرأة في الإنتخابات، وعلى النساء أن يساندنني في ذلك، لأن هذا التمييز هو نوع من أنواع العنصرية ضدهن، بحيث يظهرهن عاجزات عن اكتساب أي رهانات سياسية إلا من خلال العطية والصدقة، كما أنه يخالف روح عيد المرأة نفسه والذي انترعته النسوة انتزاعا بفضل إصرارهن على نيل حقوقهن بالعرق والجهد.
الدكتور: الشيخ محمد المختار الطلبه(ولد بتار)



[1] أخرجه البخاري في صحيحه ، الفتح ج 5 ص 295 ، مرجع سابق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق