الجمعة، 27 يونيو 2014

موريتانيا .. الوطن.. وأنا..


العنوان : موريتانيا.. الوطن.. وأنا..
موريتانيا : وطني الحبيب.... كم قاسيت من بغي الطغاة... كم تأوهت من آهات.... كم عانيت من ظلم وويلات.... كم مرة حاولوا تحطيم كبرياءك الضارب في التاريخ...منذ أن مرغت انف المستعمر في التراب...فانساق لك طائعا كسير الجناح فقرر الانسحاب....تتغير الوجوه ... وتختلف الأسماء... وتبقى نفس العادات.... وبنفس المواصفات... غبن... ظلم... احتيال...
يشكوا ليلك لنهاره ... فيلبسه عباءة السواد... لأنه اللون الطاغي.. في كل وقت وزمان... حكام أباحوا كل المحرمات... ينتشون من دماء الفقراء .... ويرقصون على أنغام سياط الجلاد... يرتدون أقنعة الكذب والدجل...  بعدما يوهموك عند مقدمهم بوجه قديس وسبحة شيخ وتراتيل كهان... يقولون من الكلام معسوله ...بعدما يقلب مستشاريهم كتب العظماء  لينتقون أحسن الألفاظ وأصدق العبارات ... يرددونها كالببغاوات .. لايفقهون لها معنى ولا يقيمون لها وزنا  ويطبقون من الفعل مضمونه... حتى إذا مااشتد العضد ..وقوي السند...يبدءون بإصدار الفرمانات .. ليؤكدوا أنهم الأفضل وربما نزغ الشيطان في عقل أحدهم فظن أنه النبي المرسل....كل يغني على ليلاه البائسة في عتمة الليل الدامس بالسواد.... وهل يعرفون الغناء... أصواتهم نشازا...وأوتارهم حديدا...

موريتانيا : وطني الحبيب.... كم قاسيت من بغي الطغاة... كم تأوهت من آهات.... كم عانيت من ظلم وويلات....
شعبك ألف الذل والخشوع والهوان... شد على نفسه أنشوطة الخوف... فصار يخشى الانزلاق.. حكمته في الحياة.. من لاينا فق لايوافق..
ياءيها الشعب...  يا عبد الدرهم والدينار... ياءيها الجاثي دوما على ركبتيك إلى أن أصبحت مقعدا..ياءيها الحافي من كل قيم الشهامة والأبوة.. تبيع الموقف في سوق النخاسة لمن يشتريه إلى أن امتنع المزاد... يامن أرخيت على وطنك سدل ليل الظلمات... موالاتك ضمير الأموات... ومعارضتك خيال الأمنيات.... تعود الكل أن يريق ماء وجهه على فتات موائد الحكام..
يامن تدعوا لمحو ذكريات الشابي من قاموس التاريح حتى لايفهمها الجيل القادم لأنه مجد الشعب على الحاكم فقال :
 إذا الشعب يوما اراد الحياه...... فلابد أن يستجيب القدر
واعتبرت في استنهاضه لهمم الشعب جريمة لاتغتفر حين قال :
ألاانهض وسر في سبيل الحياة .... فمن نام لم تنتظره الحياة
و تطلب نفي  احمد مطر في غياهب كلماته لأنه اشتكى فيها حاله مع حكامه فقال :
المعجزات كلها بدني ... حي أنا لكن جلدي كفني ..أسير حيث اشتهي..لكنني أسير ... نصف دمي بلازما ونصفه خفير.... مع الشهيق دائما يدخلني... ويرسل التقرير في الزفير... وكل ذنبي أنني... آمنت بالشعر .. وما آمنت بالشعير.. في زمن الحمير

موريتانيا : وطني الحبيب.... كم قاسيت من بغي الطغاة... كم تأوهت من آهات.... كم عانيت من ظلم وويلات....
ألا أخبرك عن آخر الطغاة .... هو مثل كل الرؤساء... كان يوم ترشح كف بياض... وحمامة سلام... يتقن العزف على نفس اللحن ... أحلام الفقراء... وعناء الشباب... فبنينا عليه أحلام المستقبل سبعا شدادا... فاخترناه ...
.... رأينا فيه طموح الشباب .... وعشنا معه لحظة البحث عن الذات .. إلى أن تبين أن كلامه لغو ... وأفعاله تدفعها الأناة  ... فأتقن صناعة اليأس ... يملك حصرا مايسمى بالاكتفاء الذاتي الشخصي... هو العالم... هو القاضي.. هو المهندس..هو.. هو..فاختزل الوطن في شخصه..
أنا لست معارضا ... حاشا لله.... ولست مواليا... حاشا لله ... أنا من كان يبحث فيه عن صمود اتشي جيفارا ... وعزيمة نابليون.... وصدق ابراهيم كاراسكوا ذلك الشاب البيروفي الذي ابتدع لقسم الولاء طريقة الشرفاء.. شاب لما اراد استلام رئاسة بلدة نائية في البيرو جثا على ركبتيه وطلب من أحد وجهاء بلدته أن يجلده ثلاث جلدات قال في الأولى : لاتكن سارقا.. وهو سرق أحلام الفقراء... وفي الثانية قال : لاتكن كاذبا.. وهو كل حكمه كذبة....لأن بدايته كذبة بعد ان حاول إقصاء قبائل تزن ملايين أشكاله..وفي الثالثة قال: لاتكن خاملا... وهو نكثت بكل وعوده .. وترك شعبه تسحقه الأزمات.. وتطحنه دوامة الحياة القاسية...
كنا معه.. كل ببكر كانت معه .. ليس لأننا صدقناه فقط .. بل لأن البعض  أوهمنا بأننا هو.. وهو نحن.. لكن ماالذي حدث...لم يستفد ببكر ولاشبابه ...وحتى اولئك الذين شملتهم عطاياه...لم يكن لأنهم من ببكر...وإن كنا نحملهم جانبا كبيرا من المسؤولية في عدم استفادة ببكر أوشبابه  ...لأن بيدهم الوسيلة والكل يعرف ذلك ..فلم يكن ذلك العشم فيهم... ولم يكن يخطر على بال أحد أن هذا سيكون هو النهاية...لكن الأمر وكسجية كل مستفيد.. دائما ماتشكل القرية بالنسبة له نموذجا للوطن.
 فعند الحاجة.... الوطن فوق كل اعتبار... وعند الاستغناء.. ماعرفت فيك خيرا قط... وعند زوال الإستفادة.. الوطن غفور رحيم ... فإلى متى ؟
أنا من أنا.. أنا من أكون .. أنا لغز حير كنهه فصار يطارد خيال الحالمين.....ليكون ما يريده أن يكون.. لكن هيهات .... هيهات ... للحالمين.....
أنا... من أنا ....أنا من أكون.....
أنا من أكون .. ولم التفكير....... أنا أعرف من أكون....
أنا غزال شرد في ارض فلاة تطارده أرواح الشياطين..... همها أن تناله بسهامها ، وهو يصارع قدره المحتوم... هل يستسلم ... أم يظل في عناده المتين.......
أنا جنة فردوس لكن لا يرتادني إلا العصاة الشياطين ، في عصر الدجل والتدنيس ....
أنا من تاريخ قديم ....سموه شنقيط ....
فمن هي يا ترى شنقيط ..... أهي عروسة بحر ..... نسمع عنها في خرافات الأقدمين......
أنا من أكون .. هل سأظل أطارد نفسا تهوى مطاردة النحس .... ترفرف فوق أعمدة دخان نار متقدة من شهب السلاطين ....
هل أبحث عن معناي في كتب الأولين أم في دفاتر الحاضرين أم في صحف إبراهيم وتوراة موسي وإنجيل عيسى والقرآن المبين .
أنا من انأ ......أنا من أكون ....... أنا لاشيء واللاشيء أنا...... لأنه ببساطة  هكذا قال لي وضعي الحزين ....أنت تعرف من تكون...
هكذا أخبرني موظف مطار الذهاب ومطار القدوم في كذا بلد ،وهو يوجهني إلى طابور المنسيين ......... بمجرد معرفته من أكون....
هكذا أعلمتني مضيفة الطيران.. لما سألتها عن سعر مسك الياسمين... بمجرد معرفتها من أكون......
 هكذا أخبرتني نظرات صاحب التاكسي عند بوابة كل مطار ، وهو يطارد زبونا آخر........ بمجرد معرفته من اكون ....
هكذا ينظر إلى موظف الفندق وهو يطلب جواز سفري ومقدم غرفتي ، وهو ينظر إلي بعين الريبة ........ بمجرد معرفته من أكون ....
هكذا يبدوا على وجه حامل أمتعتي بنفس الفندق وعيناه تقولان ، مالي وجيوب المفلسين ....... بمجرد معرفته من أكون ....
هكذا  تنبئني غرفتي وهي تضيق عل جسمي الهزيل ....... بمجرد معرفتها من أكون......
هكذا حدثني رئيس رئيسي وهو يرمي في وجهي عقدي الذي كنت أظنه ثمين...... بمجرد معرفته من اكون .....
هكذا يبدو من حال رئيسي الذي أرسلته بلدي ليكون لي ولغيري معين .... بمجرد معرفتهم من يكون....... فاحتاج معينا له كائنا من يكون  ....
هكذا اخبرتني ممثليات بلادي ... أوقل حوانيت بلادي في بلاد الفتوحات والشام ومابين النهرين ، وبلاد العم سام والهند والسند والصين ...... ببنيانها العتيد ، وعمالها المتسولين....منذ عشرات السنين ... وحتى هذا الحين....
أدخل خلوتي... أغلق على بابي... افرك جبيني....... لعلي أمسح ملامحي التي  تدل على أنني من ارض فقر تعجز عن زرع الأمل في وجوه الناظرين .....
فلمن اشكيه حالي.... ولمن أعيره بعض آلامي... أم أن في الكل ما يكفي من العذاب والأنين..
أم هل علي أن ألعن حظي البائس لأنه رماني في بقعة النتئين...... ارض جرداء لازرع فيها ولاماء ، لانفط فيها ولاذهب ، تتبعثر اشيائي فيها... فلا استطيع لملمتها لاتساع البقعة ...اتساع فيه ضيق....  تكاد منه أنفاسي القليلة تختقي .....
 ام على ان العن تاريخي لأنه جعلني انتمى لهذه الثلة من السكان الصائعين الضائعين ، التي لاتفقه في الدين إلا ما يكبت حرية الآخرين ، وفي السياسة ما يبدي سوءاتهم الدميمة على مرأى ومسمع من التاريخ ، تاريخ لايذكرهم إلا بشين فعالهم ، وزور اقوالهم.
أم على أن اشتم الواقع الذي يفرضه علي وجودي في ظل نخبة تقتات على سواد اقلامها ، فتراها مندثرة بسوادها الجني. ، واقل مايقال عنها بأنها ملة كفرت بابسط مكونات الوطن المتمثلة بالتعاضد والتكاتف من أجل وحدة وطن ..
.... لا... ياأيها الكائن من تكون ،.... قد اشكوا ... واشكوا ... قد أتألم ... وأتألم.. لكن ذلك لن يزيدني إلا صمودا وعزما ...
 لأن الاستلام من شيم الجبناء ....فانا لازلت كالبنيان المرصوص ، لأن قدري أن لا ارضي بالذل والهوان لبلد عشقتها من عشرات السنين ، واذبت فيها كل أحلامي ....
لانها هكذا هي الحياة ، إن لم تهزمها هزمتك ، فلاتزيدني الشكوى إلا تحملا وحبا ....
 ومهما صهرتني التجارب فلن تكون إلا نتاجا طبيعيا لنجاح عملية الانصهار بيني وبينه......
لن أرضي بأن تحولني ثلة قليلة من حاكميه أو نخبوييه على مر العصور بأن أكون يائسا ... أو يدا عليه ......
 سأساعده على الصعود إلى عتبات التاريخ،
سأقاتل حتى يكون غد بلادي  ليس يوماً يؤرخ بانقلاب أو ثورة أو معركة او مجيئ رئيس جديد ،  وإنما يؤرخ لوحدة وطن  ، وقيام دولة ترقى من المُهْمَلِ إلى المُؤثِّر ومن الخامل إلى الحَيَويِّ ، فيرفل وطني في ثوب العزة والمنعة والتمكين ، عندها فقط يمكنني أن اقول: أنا موريتاني وأفتخر...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق