الأحد، 15 مارس 2015

عيد الرجل... هكذا يجب أن يكون

بسم الله الرحمن الرحيم      وصلى الله على نبيه الكريم
هكذا يجب أن يكون عيد الرجل
لقد اختارت المرأة المسلمة الثامن من مارس على غرار مثيلاتها في العالم غير الإسلامي، كعيد لها تقف عنده كل سنة لتعرف مالذي استطاعت أن تنتزعه من يد الرجل المتسلط.
 وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع اعتبار ذلك اليوم كعيد للمرأة المسلمة كما ذكرت في مقالي السابق المعنون: عيد المرأة...شن..طن، والذي تناولت فيه بعض ماعلى الدولة والمرأة أن تتبنى بمناسبة ذلك العيد، من أجل تنشئة أسرة كريمة صالحة في المجتمع الموريتاني،  فإنني في هذا المقال سأذكر الرجال ببعض الحقوق التي عليهم، للمساعدة في تنشئة تلك الأسرة،وبشكل مختصر خشية الإملال، وإن كان هذا النوع من الكتابات لايحبذه بعض القراء ويفضل عنه الكتابات السياسية.
وسأختصر هذا الموضوع على أربع نقاط يجب أن تتوفر في الرجل مع الاختصار الشديد في تناولها في الفقه الإسلامي والقانون الموريتاني ، لأنها عبارة عن مباحث طويلة وعميقة جدا، لايسمح هذا المقال بتوضيحها كلها، علما بأنني سأقوم بنشر لاحقا موقف المجلس الأعلى للفتوى والمظالم بموريتانيا وكذلك موقف بعض العلماء المعروفين في البلد مما يسمى الشروط في الزواج وهي لاسابقة ولا لاحقة ، وعمل المرأة ودراستها، وغيبة الرجل بشتى أنواعها.
وهذه النقاط هي:
أولا: العدالة :
قال تعالى : وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف.(سورة النساء ، الآية 19.)
وتعنى المعاشرة بالمعروف التوازن بين كل متطلبات الحياة الزوجية من معاشرة الزوجة وتلبية حقوق الأسرة.
 وقد فسر المفسرون قوله تعالى:وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا. (سورة النساء الآية 21)
قالوا الغليظ إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، أخذ الله الميثاق على الزوج أن يمسك بمعروف أو يسرح بإحسان ، ولهذا فهي العصمة التي أمر الله عز وجل  أن يقوم النكاح بها.
لقد أكدت كل القوانين على ان الرجل يجب أن يعامل زوجته بالعدل فقد نص القانون الموريتاني على شرط العدل لمن أراد تعدد الزوجات. (المادة 45 من مدونة الاحوال الشخصية الموريتانية)
كما نص على عدم إضرارها ماديا أو معنويا أو التعرض لأموالها الخاصة ، والعدل بينها وبين بقية الزوجات إذا كان للزوج أكثر من زوجة.
ثانيا: الرجولة:
القصد من الرجولة هنا هي الرجولة الجنسية والرجولة الأخلاقية،  أي أن يكون الرجل قادر على تلبية حاجات زوجته الجنسية على أقل ما قرره الشرع ، وقد اختلف الفقهاء في القسم للزوجة الجديدة لمن عنده زوجة أو زوجات غيرها ، هل يقسم لها قسما خاصا ، أم تدخل في دور القسم كغيرها من الزوجات ، فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الزوجة الجديدة - حرة كانت أو أمة - تختص بسبع ليال بلا قضاء للباقيات إن كانت بكرا ، وبثلاث ليال بلا قضاء إن كان ثيبا ، وذلك لحديثه صلى الله عليه وسلم :  للبكر سبع ، وللثيب ثلاث.(أخرجه مسلم في صحيحه ج2 ص 1083)
أما الرجولة الأخلاقية فهي أن لايتعرض لها هي أو كل من يرتبط بها بأي سوء أو فعل يتنافي مع القيم المجتمعية المبنية على المروءة التي عرف بها المجتمع الموريتاني قديما، والتي لايزال بعضا من تجلياتها قائما لحد الآن.
وقد نص القانون الموريتاني على مايفيد أهمية الرجولة في العلاقة الزوجية بأن نص على أن  الزوج هو قيم العائلة، ويقوم بذلك الدور في صالح الأسرة (المادة 56 من مدونة الاحوال الشخصية الموريتانية )
كما نص على عدم الإضرار بالزوجة ماديا أو معنويا ، أو التعرض لأموالها الخاصة لأن هذا النوع من الأفعال ليس من الرجولة بمكان ، خاصة في الأعراف العربية والإسلامية.
ثالثا : النفقة :
يراد بالنفقة: ما تحتاج إليه الزوجة في معيشتها من طعام وكسوة ومسكن وخدمة وكل ما يلزم لها حسبما تعارفه الناس. ودليل وجوبها مقرر في كتاب الله إجمالا في أكثر من آية، وجاءت السنة مفصلة وشارحة له في أحاديث عديدة، وطبق ذلك في المجتمع الإسلامي في عصوره المختلفة.
فقد روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. (أخرجه. الحاكم، محمد بن عبد الله أبوعبدالله ، في المستدرك على الصحيحين ، ج 1 ص 415.
وقال تعالى : أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ. (سورة الطلاق الآية 6)
فهذه الآية تدل على وجوب إسكان المطلقة أثناء العدة ، وإذا كان إسكان المطلقة أثناء العدة واجبا ، كان إسكان الزوجة حال قيام الزوجية واجبا بالطريق الأولى ، وعليه  فيجب على الزوج توفير سكن لائق للزوجة ماديا من حيث هيئته، ومعنويا من حيث مكانه فلا يكون في محل قد يقود الزوجة إلى حرام كمنطقة فجار أو دعارة، وأن لاتخرج منه المرأة إلا لعذر شرعي ، قال تعالى : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ. (سورة الأحزاب الآية 33).
إلاأن توفير الزوج السكن للزوجة يدخل من ضمن شروطه أن لا تكون الزوجة ناشزا ، فقد قال الحنابلة الناشز لا نفقة لها ولا سكنى، والمرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه، سواء أمرها أبوها، أو أمها، أو غير أبويها، باتفاق الأئمة. ، فعن أنس أن رجلا سافر ومنع زوجته من الخروج فمرض أبوها ، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادة أبيها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقي الله ولا تخالفي زوجك فأوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم : إني قد غفرت لها بطاعة زوجها.( أورده ابن قدامة في المغني ج 7 ص 20)
لم يختلف القانون عن الشريعة كثيرا في مسألة النفقة، فقد نص القانون الموريتاني على أحكام عامة متعلقة بالنفقة ،فذكر أن كل إنسان نفقته في ماله إلا الزوجة فنفقتهاعلى زوجها..- وأن النفقة تشمل الطعام والكسوة والمسكن ومايعتبر من الضروريات في العرف وإذا تعلق الأمر بنفقة محضون فإن المسكن يلزم أن يتوفر فيه الوصف المشار إليه بالبند الثامن من المادة مائة واثنان وعشرون، وتقدر النفقة بقدر وسع المنفق وحال المنفق عليه وحال الوقت والأسعار، وإذا تعدد المستحقون للنفقة ولم يستطع المنفق القيام بالإنفاق عليهم جميعا قدمت الزوجة على الأولاد والأولاد الصغار على الأصول.وكل من أدين بدفع نفقة واجبة عليه بسبب الزوجية أو القرابة أو الالتزام بقرار قضائي حائز قوة الأمر المقضي به وامتنع بعد شهرين من دفع تلك النفقة يعاقب طبقا لأحكام القانون الجنائي ، وتجب على الزوج نفقة زوجته إذا دخل بها أودعته للدخول بعد عقد صحيح بشرط كونه بالغا، وهي مطيقة، وليس أحدهما مشرفا على الموت. ويرفض كل طلب يهدف إلى زيادة أو نقص النفقة المفروضة قبل انقضاء سنة من تاريخ تحديدها إلا في الظروف الطارئة ولا تسقط نفقة الزوجة بالتقادم. ويحكم لها بالنفقة من تاريخ امتناع الزوج عن الإنفاق وينقضي الالتزام بنفقة الزوجة في الحالات التاليةبأدائها أو الإبراء منها أوبوفاة أحد الزوجين، أو بنشوز الزوجة. و لا تسقط نفقة الحامل بالنشوز.وللزوجة طلب التطليق إذا كان زوجها حاضراوامتنع من القيام بالنفقة عليها. فإذا كان له مال ظاهر يستوفي منه القاضي نفقتها وإن لم يكن كذلك ولم يدع اليسر ولا العسر مع الإصرار على عدم النفقة طلق عليه القاضي فورا. وإذا أثبت الزوج عسره ولم تكن الزوجة علمته عند العقد منحه القاضي أجلا مناسبا لا يتجاوز ثلاثة أشهر يطلق عليه بعده إن لم ينفق عليها,.إذا لم يثبت عجزه عن الإنفاق أمره القاضي به أو بالطلاق فإن امتنع طلق عليه. (المواد من 140 - 151 و 108 .- من مدونة الاحوال الشخصية الموريتانية)
وعليه فإن المجتمع البشري ليكون مجتمعا منتجا وناحجا، بحاجة لتطبيق المقصد الشرعي من الزواج، وهو ما يعني التعاون بين مكوني الاسرة وهما الزوج والزوجة ، وعلى القانون أن يحمي تلك القيم ، كمحاربة مشكلة العنف التي ارتبطت بالدور القيادي للرجل في المجتمع، حيث تشرَب منذ الولادة فكرا وممارسة على تبجيل القوة والانتصار في سياق دوره الاستبدادي.
ولن يتم ذلك إلا من خلال نظرة طويلة الامد تترجم في سياق العملية التعليمية والثقافية وبناء الوعي الاجتماعي.
كما أن على الفقهاء الإبتعاد قدر الإمكان عن الاستغراق في الاجتهاد من أجل الترف المجتمعي ، لأنه قد يقود إلى مواقف غير محمودة ، على راي بعض الفقهاء الذين رأو أن اجتهاد أبوحنيفة في مسألة عدم ضرورة الولي ، تسبب في معاناة المجتمع مما يسمى بالزواج العرفي.
ويجب على كل من الزوجين أن يعرف ما له وما عليه وقد بين الإسلام واجبات الزوجين وحقوقهما بيانا شاملا وبين أن جعل القوامة بيد الرجل؛ ليس بسبب تفضيل منزلته ولا بكرامته عند الله، فليس أحد أكرم عند الله من أحد إلا بالتقوى، فالأتقى هو الأكرم، رجلا كان أو امرأة، عربيا كان أو عجميا( الأية : إن أكرمكم عند الله أتقاكم . سورة الحجرات الآية13) والحديث الشريف : ألا لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى(أخرجه أحمد في مسنده، ج 5 ص411)
وإنما لأنه أقدر من المرأة جسدا وعقلا، ولذا جعل الله النبوة والرسالة والرئاسة والإمارة في الرجال ولم يجعلها في النساء، وكلفهم بالجهاد وأسقطه عن النساء . كما جعل العصمة في الزواج بيد الرجل لا بيد المرأة . فكل ذلك كان لحكمة ربانية .

للتوضيح هذا المقال ومقال (عيد المرأة..شن ... طن )الذي سبقه كلاهما هو جزء من أطروحتي للدكتوراه( الشروط في الزواج في الفقه الإسلامي والقانون الموريتاني والسوداني)
الدكتور: الشيخ محمد المختار الطلبه(ولد بتار)




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق